درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

[الباب الثامن] في ذكر الحج وهو يشتمل على صفة حج إبراهيم الخليل ومحمد المصطفى صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم

صفحة 77 - الجزء 1

  الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بن أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَاحْرِمِي»، فَصَلَّى رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ فِيْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ نَاقَتَهُ الْقُصْوَى، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فِيْ الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مِنْ مَاشٍ، وَعَنْ يَمِيْنِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُوْلُ اللَّهِ ÷ بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ مِنْ شَيءٍ عَمِلْنَاهُ، فَأَهْلَلْنَا بِالتَّوْحِيدِ.

  لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيْكَ لَكَ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ الْيَوْمَ، فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ رسول الله ÷ شِيْئاً مِنْهُ، وَلَزِمَ رسول الله ÷ تَلْبِيَتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: وَلَسْنَا نَنْوِي إِلاَّ الْحَجَّ وَلَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، وَأَتَيْنَا الْبَيْتَ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَرَمَلَ ثَلاثاً وَمَشَى أَرْبَعاً، ثُمَّ صَعَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}⁣[البقرة: ١٢٥] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.

  قَالَ جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ: وَكَانَ أَبِي يَقُوْلُ: وَلاَ أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ النبي ÷ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيْ الرَّكْعَتَيْنِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُوْنَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا أَتَى الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٥٨] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَصَعَدَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَىَ الْبَيْتَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: «لاَ إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ وَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ، فَرَمَلَ فِيْ بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا