درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

[الباب الثامن] في ذكر الحج وهو يشتمل على صفة حج إبراهيم الخليل ومحمد المصطفى صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم

صفحة 78 - الجزء 1

  مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: «لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مِنْهُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ، ثُمَّ جَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِل وَلْيَجْعَلْهَا عُمَرَةً»، فَقَامَ سُرَاقَةُ بن مَالِكِ بن جَعْشَمٍ فَقَالَ: يَارَسُوْلَ اللَّهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِيْ الأُخْرَى، وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لأَبَدِ الأَبَدِ».

  فَقَدِمَ عَلِيٌّ # مِنَ الْيَمَنِ ببُدْن النبي ÷ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَنَّ أَحَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَاباً صَبْغاً وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ # فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، فَذَهَبَ إِلَى رسول الله ÷ مُحرِشاً عَلَى فَاطِمَةَ & لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِياً لِرَسُوْلِ اللَّهِ ÷ فِيْمَا ذكرت عَنْهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قَلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ»؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلاَ تُحِلَّنَّ»، قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النبي ÷ مِائَةَ بَدَنَةٍ، قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلاَّ النبي ÷ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

  فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وجهوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رسول الله ÷ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ والْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ رَكِبَ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ لَهُ، فَسَارَ رسول الله ÷ وَلَمْ تَشُكْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِيْ الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَاءَ رسول الله ÷ حَتَّى أَتَى