[الباب الثامن] في ذكر الحج وهو يشتمل على صفة حج إبراهيم الخليل ومحمد المصطفى صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم
  مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: «لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مِنْهُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ، ثُمَّ جَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِل وَلْيَجْعَلْهَا عُمَرَةً»، فَقَامَ سُرَاقَةُ بن مَالِكِ بن جَعْشَمٍ فَقَالَ: يَارَسُوْلَ اللَّهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِيْ الأُخْرَى، وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لأَبَدِ الأَبَدِ».
  فَقَدِمَ عَلِيٌّ # مِنَ الْيَمَنِ ببُدْن النبي ÷ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَنَّ أَحَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَاباً صَبْغاً وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ # فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، فَذَهَبَ إِلَى رسول الله ÷ مُحرِشاً عَلَى فَاطِمَةَ & لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِياً لِرَسُوْلِ اللَّهِ ÷ فِيْمَا ذكرت عَنْهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قَلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ»؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلاَ تُحِلَّنَّ»، قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النبي ÷ مِائَةَ بَدَنَةٍ، قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلاَّ النبي ÷ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.
  فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وجهوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رسول الله ÷ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ والْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ رَكِبَ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ لَهُ، فَسَارَ رسول الله ÷ وَلَمْ تَشُكْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِيْ الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَاءَ رسول الله ÷ حَتَّى أَتَى