[القرآن]
  أتى فهو مثله، فعلمنا أن هذا ليس هو بَدَا إنما مصلحة، كرجل قيل له: كل رغيفاً، فلما أكله قيل له لا تأكل الآخر، فالذي نهاه عنه غير الذي أمر به، وكذلك من قيل له حج العام فحج، ثم قيل العام الآتي لا تحج، فالأمر بما مضى غير النهي فيما أتى، فعلمنا أن ذلك ليس ببدا، وجميع ما يخالفنا فيه اليهود ثلاث: المعجز الذي قدمنا وصف لأنبياء وقد أبطلنا قولهم، والبَدَا فهو ما قلنا، فليس نسخ الشرائع ببدا إنما هو مصلحة، فمتى أفسدنا عليهم هذين الوجهين التجأوا إلى أن يقولوا إنا روينا عن موسى أنه قال: (لا تتبعوا من بعدي أحدا) وهذا كذب، لأن الذي أوجب صدق موسى حتى قبل منه.
  وقد أريناهم أن المعجز صح لعيسى ومحمد @، لأن نبينا الصادق # قد أخبرنا أن موسى وعيسى قد أمرا قومهما باتباع نبينا صلى الله عليه وآله، جميعاً وبشرا أنه ذكره الله في كتبهم، فلزمهم صحة ما قلناه، وبطل ما ادعوه من الوجوه، فإن أسلموا سلموا وإلا هلكوا، ولا يبعد الله إلا من ظلم.
[القرآن]
  فإذا فهمت هذا علمت أن كتابنا الفرقان مائة سورة وأربع عشرة سورة لا يمكن الزيادة فيه ولا النقصان، وأن الذي يمكن فيه تأويل السورة للجاهلين ليضلوا الناس بغير علم، وكذلك قال الله: {يُحَرِّفُونَ