باب الأصل التاسع
باب الأصل التاسع
  فاعلم أن معاصي الأنبياء المذكورة ليست بكبائر، إنما هي صغائر، والصغائر فهو ما وقع على سبيل النسيان والخطأ كخطيئة آدم # وغيره من الأنبياء $، وليس بعمد ولا قصد لمعصية، وذلك قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥] فكل ما كان قبيحاً عقلاً وسمعاً، فمن أتاه عمداً قصداً له مع علمه بقبحه فقد أتى كبيرة، وهذا لا يجوز على الأنبياء $، وما كان على سبيل الخطأ والنسيان في أول حال المرء ثم رجع في ثاني حال ولم تستمر به الغفلة عليه وتأمله بأي حال فعله معصية تاب ورجع كان صغيرة، لأنه ليس لنبي ولا إمام ولا مؤمن أن يحل ولا يحرم إلا بعلم، فما علمه حقاً قاله، وما علمه باطلاً اجتنبه، وما تدل عليه دلالة أحدهما توقف فيه، ولم يعتقده حتى ينظر فيه، فأيهما كان وصفه به وألحقه، فمن غفل في ابتداء أمره فاستعجل في شيء من فعله ثم تأمله في ثاني حال فصح بتأمله زلله فتاب من عجلته وأناب من زلته مثل الأنبياء، ومن عظم حاله من الأئمة الفضلاء، ومن الأخيار الذين لا يؤثرون الغفلة ولا يدعون اتباع الطاعة.
  فهذا أصل افهمه فإنه مما يجب أن يعرف فإن كثيراً من الجهال