الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الشفاعة]

صفحة 43 - الجزء 1

  عقله بل اتبع هواه وجهله، ولو كانت الشفاعة لمن مات مصراً على كبيرة لبطل قوله سبحانه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة: ٨ - ٩].

[الشفاعة]

  فتعلم أن الشفاعة إنما هي للتائبين الراجعين النادمين، الذين ذكروا قبيح ما فعلوا، فخافوا الله سبحانه ورجوه، فرجعوا راغبين نادمين إليه، فيسأل النبي ÷ لهم الزيادة على ما استحقوا بالتوبة، لأن بعض أعمارهم مضى بسوء اختيارهم لم يكسبوا فيه شيئاً، وما اكتسبوا فيه من المعاصي الكبار محبطة، فلما تابوا كانت التوبة حسنة ندب الله إليها فقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ٢٢٢}⁣[البقرة: ٢٢٢] فبطلت بالتوبة لأنها حسنة قال الله سبحانه: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ١١٤}⁣[هود: ١١٤] فمن مات مصراً هلك، كما قال رسول الله ÷: (هلك المصرون قدماً إلى النار).

  وقال سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ٣١}⁣[النساء: ٣١] وغير ذلك من القرآن كثير يستدل بهذا على ما هوأكثر منه.

  فهذه [الأصول] الثلاثة من عرفها على الجملة وتمسك بها على مافيها بدلائل