باب الأصل الثالث
باب الأصل الثالث
  وهو أن تعلم أن الله صادق في وعده ووعيده، ثم تعتقد أنه صادق في الوعد لا يخلف الميعاد كما قال الله سبحانه {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ١٢٢}[النساء: ١٢٢] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ٨٧}[النساء: ٨٧]، وقال: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ٤٥}[ق: ٤٥] وقال: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}[ق: ٢٨ - ٢٩] وقال سبحانه: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}[الأنبياء: ٩٠] أي خوفاً وطمعاً، فتعلم أنهما مقرونان لا بد من إنفاذهما كما وعد وأوعد وأن من دخل النار لا يخرج منها أبداً، والشاهد على ذلك كثير من كتاب الله تعالى، وقول الرسول ÷ في (بعض)(١) مواعظه وزجره ونهيه، وأما في العقل فإن كان فاعل حكيم إذا كان آمراً ناهياً مطاعاً متبعاً متى لم يكافئ المحسن على احسانه ولم يرغب إليه، ومتى لم يكافئ المسيء على إساءته لم يخف منه، ولم يهب جانبه، وفسدت عليه أموره، وكان هيناً على غيره، ومن لم يكن من العقلاء هكذا لم يكن حكيماً وكان ساقطاً عندهم، لأنه لم يستعمل
(١) ساقط في (ج): بدون (بعض).