الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[البدا]

صفحة 61 - الجزء 1

[البدا]

  وغير ذلك مما لم يأمرنا، وعدل بنا عنه إلى الكعبة، إنما فعله مصلحة للعباد على حسب ما يكون موجب صلاحهم لأنه العالم بهم وليس يمنعهم عما هو أصلح للعباد، فيجب أن يطاع في أمره ونهيه، ألا ترى أن كل مالك إذا أمر ونهى قوماً بشيء فاستمروا وفعلوه، ثم نهاهم عن مثله إن ذلك ليس بقبيح ولا بدا، وإنما ذلك مصلحة، كالطبيب الذي يقول أفصد اليوم ثم يقول في غد لا تفصد، فما أمرك به أمس هو غير ما نهاك عنه اليوم الذي مضى أمس كان مصلحة.

  فليس لليهود أن يقولوا إن الله سبحانه إذا منع من إمساك السبت اليوم والصلاة إلى بيت المقدس أنه قد بدا له، ونحن وإياهم لا نجوز على الله سبحانه البدا، فنحتاج أن نعرف البَدَا ما هو؟

  (فالبَدَا): أن يأمر الآمر بالشيء ثم ينهى عنه، فيعلم أنه قد بَدَا له، لأن من كان كذلك فهو من البشر لا يعلم الغيب، فإنما يَبْدُوَ له رأي، ثم يعقب الرأي فيه، فيراه خطأ فَيَبْدُو لَهُ، وما جرى هذا المجرى فلا يجوز على الله ø، وما أمر الله سبحانه من إمساك السبت والصلاة إلى بيت المقدس فقد مضى ونفذ واتبع السنين والدهور، ثم جاءَ رسول صادق فقال: لا تمسكوا مثله وليس الذي مضى هو الذي