المنتزع المختار فيما يتعلق بالاعتقادات من الأحاديث والآثار،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

باب في علمه وزهده وورعه وفضله

صفحة 122 - الجزء 1

  المرشد بالله #: عن أصحاب عبدالله: أن عبدالله قيل له حين قال: لو أعلم أن أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته، قيل علي، قال عليه قرأت وبه بدأت⁣(⁣١).

  وعن أبي صالح: دخل ضرار بن مُرَّة⁣(⁣٢) على معاوية، فقال له: صف لي علياً، فقال له: أو تعفيني؟ قال: لا أعفيك، قال: إذا لا بد فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواجذه⁣(⁣٣)، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، وكان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، يقلب كفيه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، كان والله كأحدنا وينبؤنا إذا استنبأناه⁣(⁣٤)، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع قربه منا لا نكلمه هيبة، فإن تبسم فمثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه، قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا ... يا ربنا يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: ألي تعرضتِ، أم إليَّ تشوقتِ، هيهات ... هيهات، غري غيري، لا حان حينك، فقد أبنتك⁣(⁣٥) ثلاثاً، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير، آه ... آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق، قال: فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، فجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء، قال:


(١) أخرجه الإمام المرشد بالله # في أماليه: ص ٩٢.

(٢) في شرح نهج البلاغة ج ١٨/ ٣٣٠ ضراربن ضمرة الضّابّي.

(٣) في شرح نهج البلاغة ج ١٨/ ٣٣١: واحيه.

(٤) في شرح نهج البلاغة ج ١٨/ ٣٣١: فقد باينتك.

(٥) في شرح نهج البلاغة ج ١٨/ ٣٣١: وينبئنا إذا استفتيناه.