هذا الكتاب
  ولو عرفنا الله معرفة صادقة لعلمنا العلم الذي ليس بعده جهل كما ورد عن الرسول ÷: «لو عرفتم الله حق معرفته لعلمتم العلم الذي ليس بعده جهل، ولو علمتم الله حق علمه لزالت الجبال بدعائكم»(١).
  لأن المعرفة بالله والعلم به تبعثان في قلب المؤمن الخوف والخشية، ومن ثم يخضع لكل ما طلب الله منه، وهذه المعرفة تتطلب دليلاً قطعياً ولا يصح فيه مجرد التقليد بلا برهان أو دليل؛ لأن من بحث ودقق النظر في الكون، وتدبر آيات الكتاب، وتفهم سنة الرسول ÷ لا يمكن أن يتغير أو يزل، وكان في دينه أثبت من الجبال.
  أما من أخذ دينه وعقيدته عن أفواه الرجال وقلدهم فيه بلا حجة، أو برهان فحاله كحال الشجرة الضعيفة في مهب الرياح تأخذها يميناً ويساراً، ونجد النبي ÷ قد أشار إلى ذلك بقوله: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله، والتدبر لكتاب الله، والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يَزُلْ، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال»(٢).
هذا الكتاب
  وهذا الكتاب الذي بين يديك الكريمتين، رغم صغر حجمه قد ناقش عدداً من المسائل المتعلقة بالعقيدة، والسيرة النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة
(١) شمس الأخبار: ١/ ٦١ بتخريج الجلال.
(٢) أمالي الإمام أبي طالب ٢١٥ - ٢١٦ برقم (١٦٤).