المنتزع المختار فيما يتعلق بالاعتقادات من الأحاديث والآثار،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

باب في المعاني

صفحة 33 - الجزء 1

  يحيط به سمع السامعين إذا أراد شيئاً كان بلا مشاورة ولا مظاهرة، ولا يسأل أحداً عن شيء خلقه وأراده، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، العلي الجبار)⁣(⁣١).

  وعن زيد بن أسلم أن رجلاً سأل أمير المؤمنين # هل تصف لنا ربنا؟ وساق ... إلى قوله: (واعلم أن الله لم يحدُث فيمكن فيه التغيير والانتقال، ولم تتصرف في ذاته كرور الأحوال ولم تختلف عليه عقد الأيام والليالي، وهو الذي خلق الخلق على غير مثال امتثله ولا مقدار احتذا عليه من خالق كان قبله، بل أرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمهم بليغ تقويته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له علينا على معرفته، ولم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهياً، وما زال هو الله الذي ليس كمثله شيء، عن صفة المخلوقين متعالياً، وانحسرت، وجل عن أن تناله الأبصار فيكون بالعيان موصوفاً، وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهات رويات أفكار المتفكرين، وليس له مثل فيكون بالخلق مشبها، وما زال عند أهل المعرفة به عن الأشباه والأنداد منزها، كذب العادلون بالله إذ شبّهوه بأصنافهم، وحلوه بحلية المخلوقين بأوهامهم، وكيف لما يقدر قدره مقدار في رويات الأوهام، لأنه أجل من أن تحده ألباب البشر بتفكير، وهو أعلى من أن يكون له كفؤ فيشبه بنظير، فسبحانه وتعالى عن جهل المخلوقين، وسبحانه وتعالى عن


(١) أخرجه الإمام أبو طالب # في أماليه: ص ٢٩٢ برقم (٢٦٣).