فصل: [في وجوب نصيحة الإمام]:
  تَفْتُر، وَتَصُومَ فَلَا تُفْطِرُ؟»، قال: يا نبي الله أنا أضعف [أن أستطيع](١) ذلك، فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ طُوِّقت ذَلِكَ مَا بَلَغْتَ فَضْل الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أمَا عَلِمْتَ أَنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لِصَاحِبهِ بِذَلِكَ حَسَنَاتِ»(٢).
  فيا أيها المشمر للساق في طاعة الملك الخلاق، اغتنم هذا الفضل الجزيل والخير النبيل، وابذل جهدك في طاعة إمامك ومناصرته، والسعي معه ومعاضدته.
  وعلى الجملة: فإن من صلح لأمرٍ عام، ولم يكن خاصاً للإمام، ولا من باب العبادات، فإنه يجب إذا صدر من الإمام إلزام نحو ولاية قضاء، أو ولاية على مال، أو حفظ عهدةٍ للمسلمين، إلى غير ذلك من ضرورات التصرفات الجمّة في الأحكام الشرعية، نحو تزويج من لا ولي لها، وكذلك ولاية المساجد والمناهل وأوقافها، وسائر الأوقاف العامة.
  ومن كان يعرف من نفسه الكمال في أمرٍ من أمور المسلمين حسن منه أن يبرز شخصه، ولا يواري نفسه وغير بعيد وجوب ذلك عليه.
فصل: [في وجوب نصيحة الإمام]:
  ونصيحة الإمام واجبة: وليس منها أن يُنهي إلى الإمام كلاماً يجرحه ممن قال؛ فإن ذلك نميمة، وهي غير جائزة اللهم إلا أن يكون ذلك على جهة تنبيه الإمام، وهو يعلم أن الذي حمل المتكلم عليه بغاضة وشنآن؛ ليحترز من ذلك الشاتم إذا كان الإمام يظن صداقته والأعمال بالنيات، ويدل لذلك ما ثبت وصح من نقل زيد بن أرقم، عن عبد الله بن أُبيّ من قوله: «ليخرجن الأعز منها الأذل»(٣).
(١) في نسخة (أ): عن.
(٢) تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٣٢ ص ٤٥٠.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٤١٦.