الأدب الرابع: [في حفظ السر]:
  من ثعلبة الصدقة، فلما طلبها منه وأعلمه بكميتها قال ثعلبة: «هذه أخت الجزية» وأبى أن يصدّقها(١)، «فأعقبه الله نفاقاً في قلبه إلى يوم القيامة»(٢)؛ بما أخلف الله ما وعد.
  ومنها: أنه ينتقصه في الدنيا؛ فيراه الناس في منزلة دانية عن منزلة الصادق.
  ومنها: الانكسار والخزي؛ فإنه إذا علم كذبه انكسر وخزي ممن علم ذلك.
  ومنها: امتحاق الرزق، فهو نوع من الخيانة؛ والخيانة تمحق الرزق، والأمانة تجرُّه، والدليل على أنه خيانة قوله ÷(٣): «كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ كَاذِبٌ»(٤)، وقد رُخّص في الحَرب و «الحَربُ خُدْعَةٌ» ,(٥) وفي الصلح بين اثنين، وفي الرجل إذا استصلح به امرأته(٦)، والأولى أن لا يصرّح به، وإنما يُعرّض، ويحمله على ما يصح ففي «المعارض مندوحة عن الكذب»(٧).
الأدب الرابع: [في حفظ السر]:
  حفظ السّر وعدم إذاعته؛ فإن العار أن يكشف المستودع الأسرار، وفي المثل «صُدُورُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ»(٨)، و «مَنْ أَفْشَى سِرهُ فَقَدْ خَانَ مَنْ اسْتَسَرَّهُ»، وهو أخو النميمة، ولا فائدة في نشره وإظهاره، بل يلحقه مضرة إذا أظهر سِره أو
(١) إحياء علوم الدين ج ٣ ص ٢٧٢.
(٢) تفسير الماتريدي ج ٥ ص ٤٣٣.
(٣) من نسخة (ب).
(٤) سنن أبي داود ج ٤ ص ٢٩٣.
(٥) مسند البزار ج ٢ ص ١٢٨.
(٦) مستند ذلك ما روي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «كُلُّ كَذِبٍ مَكْتُوبٌ عَلَى صَاحِبِهِ لَا مَحَالَةَ، إِلَّا أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا، وَرَجُلٌ يَعِدُ امْرَأَتَهُ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْحَرْبُ خِدْعَةٌ» تهذيب الآثار ج ٣ ص ١٢٨.
(٧) معجم ابن الأعرابي ج ٢ ص ٥١٣.
(٨) ينسب إلى ذي النُّونِ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج ٩ ص ٣٧٧.