مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

الأدب الرابع: [في حفظ السر]:

صفحة 70 - الجزء 1

  من ثعلبة الصدقة، فلما طلبها منه وأعلمه بكميتها قال ثعلبة: «هذه أخت الجزية» وأبى أن يصدّقها⁣(⁣١)، «فأعقبه الله نفاقاً في قلبه إلى يوم القيامة»⁣(⁣٢)؛ بما أخلف الله ما وعد.

  ومنها: أنه ينتقصه في الدنيا؛ فيراه الناس في منزلة دانية عن منزلة الصادق.

  ومنها: الانكسار والخزي؛ فإنه إذا علم كذبه انكسر وخزي ممن علم ذلك.

  ومنها: امتحاق الرزق، فهو نوع من الخيانة؛ والخيانة تمحق الرزق، والأمانة تجرُّه، والدليل على أنه خيانة قوله ÷(⁣٣): «كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ كَاذِبٌ»⁣(⁣٤)، وقد رُخّص في الحَرب و «الحَربُ خُدْعَةٌ» ,⁣(⁣٥) وفي الصلح بين اثنين، وفي الرجل إذا استصلح به امرأته⁣(⁣٦)، والأولى أن لا يصرّح به، وإنما يُعرّض، ويحمله على ما يصح ففي «المعارض مندوحة عن الكذب»⁣(⁣٧).

الأدب الرابع: [في حفظ السر]:

  حفظ السّر وعدم إذاعته؛ فإن العار أن يكشف المستودع الأسرار، وفي المثل «صُدُورُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ»⁣(⁣٨)، و «مَنْ أَفْشَى سِرهُ فَقَدْ خَانَ مَنْ اسْتَسَرَّهُ»، وهو أخو النميمة، ولا فائدة في نشره وإظهاره، بل يلحقه مضرة إذا أظهر سِره أو


(١) إحياء علوم الدين ج ٣ ص ٢٧٢.

(٢) تفسير الماتريدي ج ٥ ص ٤٣٣.

(٣) من نسخة (ب).

(٤) سنن أبي داود ج ٤ ص ٢٩٣.

(٥) مسند البزار ج ٢ ص ١٢٨.

(٦) مستند ذلك ما روي عن أبي هريرة، عن النبي قال: «كُلُّ كَذِبٍ مَكْتُوبٌ عَلَى صَاحِبِهِ لَا مَحَالَةَ، إِلَّا أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا، وَرَجُلٌ يَعِدُ امْرَأَتَهُ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْحَرْبُ خِدْعَةٌ» تهذيب الآثار ج ٣ ص ١٢٨.

(٧) معجم ابن الأعرابي ج ٢ ص ٥١٣.

(٨) ينسب إلى ذي النُّونِ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج ٩ ص ٣٧٧.