مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

الباب الثالث: فيما ينبغي معاملة الإمام به

صفحة 78 - الجزء 1

  وأما المقام الثاني: فما ذكره الديلمي⁣(⁣١) في (تصفيته)⁣(⁣٢): أن رجلاً من أهل الشام دخل على بعض الأسواق، فرأى شاباً راكباً على بغلة، له وجه حسن يسطع نوراً، فقال الرجل: من هذا؟ فقيل: هو الحسن بن علي [@]⁣(⁣٣)، فتقدم إليه الرجل الشامي ليسبّه ويسبّ أباه وفعل ذلك، والحسن مُطرقٌ لا يتكلم أبداً إلى أن فرغ من كلامه، فلما فرغ [أنغض]⁣(⁣٤) إليه الحسن رأسه وقال: «يا هذا، لا تحتاج إلى هذا الكلام؛ إن كنت غريباً آويناك، وإن كنت فقيراً نوّلناك⁣(⁣٥)، وإن كنت مظلوماً أنصفناك، وإن كنت سائلاً أعطيناك» [ونحو ذلك]⁣(⁣٦)، قال الشامي: «فوالله ما فرغ من كلامه إلا وهو وأبوه أحبّ إليّ مما على وجه الأرض، بعد أن كان أبغض إليّ ممن على وجه الأرض»، فجواب الحسن [#]⁣(⁣٧) عليه عكس جوابه على معاوية؛ لما عرف أنه جاهل لا متجاهل، وأنه مغرور؛ بأن معاوية قد كان غرس بغاضة علي وأولاده في قلوب أهل الشام.

  عدنا إلى ما كنا بصدده: ولأن للإمام على الكافة من النعم والأيادي، والإحسان والامتنان ما يوجب الصّبر وعدم التجنّي، ولأنه لا يصدر من الإمام إلا لما يعانيه من الأضياق وكثرة المشاق التي [اتسع]⁣(⁣٨) لها النطاق، مع ما يعانيه من نوب الزمان وقلّة الأعوان، ولا يكاد يسلم من هو هكذا من فرطات اللسان، هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول لأصحابه، ومن كأصحابه الذين هم خير أمة


(١) الفقيه العلامة محمد بن الحسن الديلمي، المتوفى ٧١١ هـ.

(٢) (التصفية عن الموانع المهلكة المردية) مخطوط.

(٣) من نسخة (ب).

(٤) في نسخة (ب): نهض.

(٥) أي أعطيناك.

(٦) من نسخة (ب).

(٧) من نسخة (ب).

(٨) في نسخة (ب): اتسعت.