الأدب السابع: [في] الأمانة:
  الْعِبَادِ»(١)، والوارد في هذا المعنى من الترهيب لا ينحصر من نحو قوله ÷: «سَيَأْتِينَ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ حَسَنَاتٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ»، فقيل: يا رسول الله [أمصلون](٢) كانوا [هم](٣)؟ قال: «كَانُوا يصلونَ وَيَصُومُونَ وَيَأْخُذُونَ وَهْنًا مِنَ اللَّيْلِ، لَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا لاحَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا وَثَبُوا عَلَيْهِ»(٤).
  ثم إن الأمانة مجرّ الأرزاق وصلاح الأحوال، والخيانة تمحق الرزق وتنزع البركة، فلا يفعلها إلا من عدل عن معالي الأمور إلى سفسافها، وعن أوسطها إلى أدونها، والأمين عند الإمام محبوب مرضي عليه، وأي شيء أبلغ من رضى الإمام؛ فإن من رضي عليه إمامه أحبّهُ، وإذا أحبّه أحبه الله، ومن أحبه الله نظر إليه بعين رحمته.
  فالورع هو سيد الأعمال، وأفضل ما يقرب إلى ذي الجلال، ولا دين لمن لا ورع له ولو كانت له من الطاعات كالجبال، فينبغي من العاقل أن يوثق على نفسه بالزمام، ويحكم عليها ويعظها عمّا يوبق من الآثام، وإذا ترك ما لا بأس به حذر ما به البأس؛ فهو أفضل له وأبعد عن الوقوع في المحظور، وأن يلقي بنفسه في لجج المحذور؛ فإن الشيطان له مداخل في الإنسان واستدراج له حتى يوقع في مهاوي الهلاك، وقد ذكر هذا بعض العلماء فقال: هذا مثال من عنده عشر من الدرج، فإن هو تحتها لم يمكنه أن يخطى(٥) برجله إلى العاشرة منها، وإذا قد ارتقى الأولى والثانية والثالثة والرابعة حتى صار في التاسعة، فقد صار ارتقاء العاشرة أسهل ما يكون عليه.
(١) تنبيه الغافلين للسمرقندي ٣٨٠.
(٢) في نسخة (ب): أيصلون.
(٣) من نسخة (ب).
(٤) معجم ابن الأعرابي ج ٣ ص ٨٩٣.
(٥) بالعامية يعني يتقدم.