تحفة المتأمل في سيرة العالم الأجل،

عبدالصمد عبدالرحمن عبدالله المتوكل (معاصر)

وضع الناس من الفتن

صفحة 36 - الجزء 1

  وكم ... له رضوان الله عليه، من مواقفَ عظيمة في الإصلاح بين الناس ابتغاء مرضات الله والدار الآخرة، وهكذا كان دأبه وديدنه السعي والمسارعة إلى الخيرات بإصلاح ذات البين، وكم من مواقفَ له في ذلك، وسنذكر قريباً بعض مواقفه الكريمة إن شاء الله.

  ولهذا ... وفقه الله تعالى لحل مشاكلهم، وإصلاح أحوالهم فحظي بتوفيق الله وعونه، ولطفه وتسديده، وكان كل الأطراف المتنازعة والقبائل المتخاصمة يرضون بصلحه، ويثقون بعدله؛ لعلمهم أنه لا يجامل أيَّ طرف، وأنه لا يقول إلَّا الحق والعدل.

  وهذه كرامةٌ من الله له ونعمة عظيمة لمّا علم سبحانه صدق نيته وإخلاصه وفقه لذلك، وأجرى على يديه صلاح البلاد والعباد، وجعل له مودةً في قلوبهم، وثقةً مطلقة بأنه لا يقول إلَّا الحق، فيقبلون منه مع علمهم بورعه وتقواه، وأن الله سبحانه لا يُخيّب رجاءه ودعاءه؛ لهذا كانوا لا يقدمون على مخالفته حينما يصلح بينهم خوفا من دعائه، وإذا حصلت مخالفة من بعض الناس دعا الله عليهم بعد أن يعظهم وينذرهم عقاب الله، فلا يلبث من دعا عليه إلَّا قليلاً حتى يعاجله الله بالعقوبة؛ بل لا يذهب ذلك اليوم إلَّا وقد أهلكه الله بسبب دعوته عليهم، كما ذلك معلومٌ عند الناس جميعا.