وفاته #
  بل كان حامداً لله شاكراً، مُستمّراً على طاعته وعبادته، لا يفتر لسانه ليلاً ونهاراً عن ذكر الله وتلاوة كتابه حسب عادته، ولقد متّعه الله ببصره فكان ينظر في المصحف الصغير ويقرأ فيه، كما متعه سبحانه بسمعه وعقله، وكنَّا نلتجئ إليه إذا ما حدثت مشكلةٌ فيحلها، وكأنه في أيام الصّحة، فسبحان من متّعه بحواسّه وعقله، فلم يغب ذهنه أبداً، ولم يفقد وعيه حتى لقي الله تعالى؛ بل إنَّ ليلة وفاته رجعنا إليه بعد صلاة العشاء وهو يُصلي حسب عادته، وكأنّ الأمر طبيعي، ولقي الله أثناء صلاته، فسبحان من وفقه لذلك، وختم له بهذه الخاتمة الطيّبة.
  لهذا ... فقدناه وفقده الخاص والعام من الناس ونحن وهم أحوج ما نكون إليه، وإنَّ القلبَ عليه حزينٌ، والفؤادَ كئيبٌ، لكن لا يسعنا إلَّا الصبر والرضى بقضاء الله، ولا نقول إلا ما يرضيه إنَّا لله وإنّا إليه راجعون، وأيضاً كان لموته | الأثرُ البالغ في النفوس حيثُ فقد الناسُ الأب الحنون الرحيم، والمُصلِح الأمين، والعالم الورع، فموت العالم ثغرة لا يسدُ مسدها شيء، ولله درُّ القائل:
  لعمرك ما الرزيّةُ فقدُ مالٍ ... ولا فرس يموتُ ولا بعيرُ
  ولكنَّ الرزيّةَ فقدُ شخصٍ ... يضيع بموته خلقٌ كثير