تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الأول في ذكر معجزات النبي ÷ ودلائله

صفحة 58 - الجزء 1

  حديث جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه⁣(⁣١):

  أَنَّ رَسُولَ اللهِ ÷ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ خُفِضَ لَهُ كُلُّ رَفْعٍ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يُقْتَلُونَ وَالنَّاسُ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ وَهُوَ يَقُولُ ÷: «تَهَيَّأَ الْقَوْمُ وَتَعَبَّوا وَالْتَقَوْا» ثُمَّ قَالَ ÷: «قُتِلَ جَعْفَرٌ⁣(⁣٢)، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» وَأَخَذَ رَسُولَ اللهِ ÷ التَّقْطِيعُ⁣(⁣٣) فِي بَطْنِهِ، قَالَ: وَكَانَ فِي يَدِ جَعْفَرٍ عَرْقٌ⁣(⁣٤) مِنْ


(١) قال في لوامع الأنوار ٣/ ٩٠: جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبدالله، وأبو المساكين، ذو الجناحين. ولد بعد عقيل بعشر سنين؛ وأمه فاطمة بنت أسد. أسلم بمكة، ثم هاجر إلى الحبشة، واجتمع بالنجاشي، وقرأ عليه سورة مريم، وأسلم على يديه؛ ثم رجع يوم فتح خيبر، فالتزمه النبي ÷ وقبَّله، وقال: «ما أدري بأيهما أُسَرّ - أو أفرح - بفتح خيبر، أو قدوم جعفر؟. ثم بعثه إلى مؤتة (بضم الميم، وسكون الهمزة، ومثناة فوقية) من أرض الشام، وبها قُتل، سنة ثمان. أخرج له: أبو طالب، والقاضي زيد، وأبو داود صلاة التسبيح. انتهى، فهذه ترجمته كما الطبقات وله مقامات مشهورة وفضائل معلومة عند أهل العلم. انظر لوامع الأنوار والاعتبار والمصابيح في السيرة وغيرها من المصنفات. وعقد فصلا كاملا في شرح نهج البلاغة ١٥/ ٧٢ في مناقبه وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ٢٩ إلى ص ٣٤.

(٢) قال في لوامع الأنوار ١/ ٨٢١: ورد في الأخبار أنه لما التقى الناس بمؤتة، وهي في تخوم الشام، وكان أهل الغزوة ثلاثة آلاف، والتقاهم ملك الروم في مائة ألف مقاتل، جلس رسول الله ÷ على المنبر، وكُشِفَ له ما بينه وبين الشام، ونظر إلى معركتهم، وأخبر أصحابه بما هم فيه، وقال: «أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، ثم مضى قدمًا حتى استشهد»، فصلى عليه رسول الله ÷ ودعا له، ثم قال: «استغفروا لأخيكم، فإنه شهيد قد دخل الجنة، فهو يطير فيها بجناحين من ياقوت، حيث يشاء من الجنة». وقال: أخذ الراية زيد بن حارثة»، وحكى عنه نحو ما تقدم عن جعفر بن أبي طالب، إلى قوله: «ومضى قدمًا حتى استشهد»، ثم صلى عليه؛ وقال: «استغفروا له، فقد دخل الجنة وهو يسعى. وقال: أخذ الراية عبدالله بن رواحة، ثم دخل معترضًا»، فشق ذلك على الأنصار، فقال رسول الله ÷: «أصابته الجراح»، قيل: يا رسول الله فما اعتراضه؟ قال: «لما أصابته الجراح نكل، فعاتب نفسه، فَشَجُع، فاستشهد، فدخل الجنة. [لوامع الأنوار ١/ ٨٢١] وقال #: نعم، وعند أهل البيت أن ترتيبهم في الأمارة هكذا جعفر، ثم زيد، ثم عبدالله. قال ابن أبي الحديد [شرح نهج البلاغة ١٥/ ٦٤]: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة هو كان الأمير الأول، وأنكرت الشيعة ذلك، وقالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول. قال: وقد وجدت في الأشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي ما يشهد لقولهم. فمن ذلك ما رواه عن حسان بن ثابت. وساق قصيدته فيهم. انتهى [كلام ابن أبي الحديد] تمت لوامع الأنوار ١/ ٨٢٤.

(٣) التقطيع: وجع يأخذ الإنسان في أمعائه. (ضياء).

(٤) العرق بالسكون: العظم إذا أخذ منه معظم اللحم. (نهاية ٣/ ٢٢٠).