تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الثاني في فضائل النبي ÷ وحسن شمائله

صفحة 81 - الجزء 1

  أبي زَحْر بن حِصْن⁣(⁣١)، عن جده حُمَيد بن مُنْهِب، قال: سمعت جدي خزيمة بن أَوْس بن حارثة يقول:

  هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ÷ إِلَى الْمَدِينَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ، فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ، قَالَ: «قُلْ، لَا يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ». قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ ¥: [المنسرح]

  مِنْ قَبْلِهَا⁣(⁣٢) طِبْتَ فِي الظِّلَالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ

  ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ

  بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْرًا وَأهَلَهُ الْغَرَقُ

  تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ

  حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ⁣(⁣٣) مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ

  وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْـ ... أَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ

  فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي النْـ ... ـنُورِ وَسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ⁣(⁣٤)


(١) في تهذيب الكمال في ترجمة زكريا بن يحيى ذكر نسبه فقال: زكريا بن يحيى بن عمر بن حِصْن بن حُمَيد بن مُنْهِب بن حارثة ... إلى أن عدد الذين روى عنهم فقال: ... وعم أبيه أبي المفرح زحر بن حِصْن. اهـ فلعل قوله هنا: «حدثني عمر بن أبي» تصحيف والصحيح: حدثني عم أبي. والله أعلم. وذكر هذا في تهذيب التهذيب وغيره، أي: كونه يروي عن عم أبيه زحر بن حصن.

(٢) قوله: «من قبلها»: أي: من قبل الخليقة، كنّى عن غير مذكور [أي جاء بضمير الغيبة بدون تقدم المرجع]، والعرب تفعل ذلك توسّعا واختصارا، وثقة بفهم السامع. قاله ابن الشجري في أماليه ٣/ ١١٥. وذكر المطهر بن طاهر القدسي في البدء والتاريخ ٢٦/ ٥ بعد ذكر قصيدة العباس ما لفظه: وروى بعض الرواة أن آدم لما وقع الخطية لقي في الكلمات التي تلقاها من ربه اللَّهمّ بحق محمد [وآل محمد] إلا غفرت لي.

(٣) أَرَادَ ببيته: شرفه. والمهيمن: نَعته أَي حَتَّى احتوى شرفك الشَّاهِد على فضلك أفضل مَكَان وأرفعه من نسب خندف. الفائق في غريب الحديث، ١٢٣/ ٣.

(٤) رواه ابن قتيبة الدِّينَوَرِي في غريب الحديث ٣٥٩/ ١ وأيضا في المعاني الكبير في أبيات المعاني، ٥٥٦/ ١، والزجاجي في اشتقاق أسماء الله ص ٢٣٠ ووفي أماليه ص ٦٥، وابن الأنباري في الزاهر في معاني كلمات الناس ١٧٥/ ١، ورواه أبو الحسن علي بن مهدي في نزهة الأبصار ومحاسن الآثار ص ٩٢، وروى هذه الأبيات للعباس الإمام أبو الفتح الديلمي في البرهان في تفسير القرآن ٢/ ٨٢٣، وأبو بكر الشافعي في الفوائد الشهير بالغيلانيات ٢٨٢/ ١، والطبراني في المعجم الكبير =