النسيم العلوي والروح المحمدي،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

ذكر عبادته ¥

صفحة 26 - الجزء 1

  المهْدِيّ ويحيى بن الحسين الهادي، صَلوات الله عليهم وسلامه.

  ........ ... وَمْنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَما ظَلَمْ⁣(⁣١)

ذكر عبادته ¥

  وأمَّا عِبَادَتُه فهو في وَقْتِهِ إمامُ العَابدينَ، وخِتَامُ العَارِفينَ، لا يَمُرُّ عليه وَقْتٌ من الأوقَاتِ سِوَى الحالات الضَّرُورِيَّاتِ بنحو الطَّعامِ والشَّرابِ إلا وهو مَشْغُوْلٌ؛ إِمَّا بِوِرْدِ صَلاةٍ، أو ذِكْرِ الله، أو نَشْرِ عِلْمٍ، أو تِلَاوةِ قُرْآن، أو غير ذلك من أنواعِ العِبَاداتِ.

  وفي مِقْدَارِ ثلاث عشرة سَنَة آثرَ العُزْلَةَ، ولَزِمَ مَنْزِلَهُ، على أنَّهُ كانَ أَكْثَرَ أيَّامِهِ مُتَخَلِّياً عن الناس، إلا وَقْتَ قِرَاءَةِ عِلْمٍ، أو أمْرٍ بمعروف أو نهي عن منكر، أو انْتِوالِ بعضِ الحاجاتِ؛ فقد كان يحبّ تَولّي قَضَاءَها، ولا يرْضَى مهما أَمْكَنَهُ أن يتولّى قضاءها غَيْرُه؛ ليكونَ على يَقِيْنٍ من بَرَاءَتِهِ منها، ولا يَثِقُ أنْ يُؤَدِّي أحَدٌ شأناً من شُؤُونِهِ، ولا يقضي دَيْناً من دُيُوْنِهِ إلا أَهْلُ الأمَانَةِ والعَدَالَةِ والدّيانَةِ بعد التَّحرِّي الشديد، والتوثِيْقِ الأَكِيْدِ، وكان يقول إذا عَاتَبْنَاهُ في التَّوَلِّي لأمورِهِ مع كِبَرِهِ وكَوْنه يقومُ بها غَيْرُهُ: أمَا تَعْلَمُوْنَ ما في الْمَشْي لِقَضَاءِ الحاجَاتِ وتَخْلِيْصِ الذِّمَمِ من الأَجْرِ.

  وكان ¥ كثيرَ القِيَامِ والعِبَادَةِ، مع ما هو فيه من السنِّ العَالِيَةِ، كُنَّا نَجْتَمِعُ عِنْدَهُ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ بعدَ صَلاةِ العِشاءِ لِقِرَاءَةِ


(١) صدره: بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَمْ.