ذكر بعض نوازل ذلك العصر
  فلم يَلْتَفِتْ إليها المجرمون، ولا عَوَّل عليها المتمرِّدُونَ ولم يَفْزَعُوا لقَوْلِهِ ø: {إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ٢٢}[السجدة].
  ثم تلتها الآيةُ العظمى والرَّجْفَةُ الكبرى التي اتَّضَحَ بها لأهل الغفول بَطْشَةَ الملك الجبَّار، وتبيّن لأهل العقول أَخْذَةَ الملك القهَّار، فظلَّت أعناقُهم خاضعة، وأبصارهم خاشعة، فكيف لو شاهدوا هَوْلَ الْمَطْلَعِ، وعاينوا يَوْمَ الْمَجْمَعِ.
  وكان والدنا رضوان الله عليه أماناً لنا عند نزول هذه المصائب وغيرها، من حلول المُفْزِعَاتِ والنَّوَائِبِ، وقد كان ¥ إذا سَمِعْنَا رَجْفَةً وكادت تزيغ لها القلوبُ خِيْفَةً، يأمرنا بذكر الله ويقول: هذه من آياتِ اللهِ العِظَامِ، ولا بأس عليكم نحن في كَنَفِ اللهِ وكلايته وحِفْظِهِ وحِمَايَتِهِ.
  حتى إنه ¥ وَقْتَ زَلْزَلَةٍ كُبْرى لَمَّا رَأَىنا مُتَحَيِّرِينَ فَزِعِيْنَ مَرْعُوْبِيْنَ وقد كلّمْناه في أن نخرج من المكان خوفاً من الهَدْمِ، قال وهو يبتسم: ثقوا بالله وتوكَّلوا على الله هو الممسك للسموات والأرض، والله إني مطمئنّ - ثلاثاً -، وثوقاً بالله تعالى وإيقاناً بوعده، انْصَرِفُوا إلى المسجد، وكُنْتُ عنده أنا والقاضي العلامة شرف الدين الحسن بن محمد سهيل |، وكان ذلك الوقت وقت السَّحَرِ، وقد كان ¥ أَشَدَّ الناس خَوْفاً لله، ولكن كان أَعْظَمَهُمْ وُثُوْقاً به وتوكُّلاً عليه والتجاءً إليه، والخلق في تلك الأيام سكارى وما هم بسكارى، وقد برزوا إلى الفَضَاء، وخَافُوا