مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العقل وأحكامه

صفحة 19 - الجزء 1

  وشرح ذلك: أن استحقاق فاعل الظلم مثلاً للعقاب آجلاً، واستحقاق فاعل العدل والإحسان للمدح والثواب آجلاً من أحكام الشرع، أما العقل فلا حكم له في ذلك ولا وثوق بحكمه.

  وعلى هذا فالشرع وحده هو الذي يحكم في هذا المجال، فما أمر به الشرع فهو حسن يستحق فاعله المدح والثواب آجلاً، وما نهى عنه فهو قبيح يستحق فاعله الذم والعقاب آجلاً، حتى قالوا: إن الشرع لو أمر بما نهى عنه صار حسناً، ولو نهى عما أمر به صار قبيحاً.

  وقالت العدلية: إن حكم العقل في هذا المجال من أوثق الأدلة وأصحها، وأن له قوة لإدراك قبح الظلم وحسن العدل، ويجزم باستحقاق فاعل الظلم للذم والعقاب آجلاً، وباستحقاق فاعل العدل للمدح والثواب آجلاً.

  وقالوا: إن الفعل يقبح لوجوه واعتبارات إذا حصلت قبح الفعل، وإذا انتفت حسن الفعل، فمثلاً: قتل الشخص للاقتصاص منه أو للردة أو للزنا حسن، وقتله بغير حق قبيح.

  ولنستعرض هنا ما يدور بين الطرفين من المقاولات والمجادلات من غير بخس ولا تحريف ولا تشويه، ثم نَدَعْ بعد ذلك المجال مفتوحاً للناظر ليختار بعقله أرشد الأمرين، ويميز بفطرته أهدى الطائفتين، وذلك هو الواجب على المسلم، فقد قال تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٨}⁣[الزمر].