التوحيد
  وأما قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: ٦٤]، فقد أراد سبحانه بذلك الرد على اليهود حين اتهموا ربهم بالبخل والإمساك: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة: ٦٤]، فعبر سبحانه وتعالى ببسط اليدين عن كثرة الإنفاق والإعطاء، وهذا الأسلوب شائع في لغة العرب كثير الاستعمال، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}[الإسراء].
  يزيد ذلك وضوحاً: أن الله تعالى تمدح ببسط اليدين، ولو كان المراد بهما بسط اليدين على الحقيقة لما كان ذلك مدحاً.
  وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أراد سبحانه وتعالى توبيخ إبليس على تركه السجود، وتكبره عن السجود لآدم، وما كان ينبغي له ذلك، كيف والله سبحانه وتعالى هو الذي خلق آدم وصنعه بنفسه؟ فعبر تعالى بذكر اليدين ليبين لإبليس كرامة آدم على الله، واستحقاقه للسجود.
  وحديث: «كلتا يدي ربي يمين» - حديث آحادي، وإن صح فمعناه: أن الله تعالى يقبل الصدقة، ويجازي عليها، وذكرت اليمين لما تعرفه العرب في عاداتها من أن الأخذ باليمين يدل على حسن القبول، والأخذ بالشمال يدل على خلاف ذلك.