[بعض الخلائق المحمودة]
  ومن تلك الخلائق بل هي من أفضل الخلائق وإن قُلْتُ: هي أفضل الخلائق فلا حرج، ألا وهي الرحمة؛ فإن القلوب التي تحلها الرحمة تشبه الأرض الممطورة في أيام الربيع، والجنان المثمرة في أيام الخريف، والهواء البارد في أيام الصيف، والعسل المصفى من بين سائر الحلويات، وأين بلغت بخديجة بنت خويلد ^ الرحمة، وأين أوصلها اليقين؟ فبرحمتها زُرِعَت الزهراء سيدة نساء العالمين في بطنها تغذت من دمها، شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ثمرتها أئمة الهدى ومصابيح الظلام، حجج الله في كل زمان إلى يوم الزحام، أما اليقين فبلغ بها في بداية أمرها أن صارت فراشاً لسيد الأنبياء والمرسلين، وفي نهاية أمرها أن جبريل الأمين قال لرسول الله ÷: «إن السلام يقرئ خديجة السلام».
  انظري يا طالبة النجاة من النساء المؤمنات، ويا طالبة العزة من وجهها من الطالبات التقيات كيف كانت نتيجة مرضعة رسول الله ÷ وكذلك من أولته اهتمامها في طفولته وهي السيدة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين وسيد الوصيين وأخ سيد المرسلين فلقد كفنها في برده ÷ واضطجع في قبرها ليوسع عليها؛ رداً منه للجميل واعترافاً منه بالإحسان، وأخبر أنها كانت توليه اهتماماً أكثر من أولادها، ولأمرٍ ما رزقت بحمل سيد الوصيين عليها رحمة الله ورضوانه.