[الحث على اغتنام شهر رمضان]
  يجد الإنسان ببديهته في هذا الشهر الكريم فوارق، من تلك الفوارق أن الناس من أول يوم يشعرون براحة نفسية وطمأنينة ترتاح لها قلوبهم حتى الضعفاء والمساكين يحل في قلوبهم الغنى بدل الفقر والسرور والراحة بدل الهم، كل صائم من أول يوم يشعر بسعادة تزداد تلك السعادة شيئاً فشيئاً كالمريض إذا كتب الله له العافية بعد البلاء الشديد.
  «أوله رحمة» سبحان الكريم لأن العباد أقبلوا على ربهم وقمعوا آراءهم وأهواءهم المتشعبة بصيامه، وفي دخول أوسطه أسرار ربانية تذكروا تفريطهم فتابوا فغفرت ذنوبهم، يتذكرون كل يوم جديداً من المساوئ فيندمون غاية الندم، فلم تأت العشر الأواخر إلا وقد قبل ربنا - جلت عظمته - توبتهم وأوجب لهم فيها عتقاً من عذابه وأماناً من ناره، ذلك لمن استمر على توبته وترك التمرد والعصيان وجد واجتهد في محاربة هواه والشيطان وشكر نعمة الله العظيمة بهذا الشهر، أما إذا كان من القوم الذين قال في شأنهم النبي ÷: «بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان» فلا فوز برضوان الله ولا نجاة من عذاب الله.
  هذا، وليعلم الغافل والمفرط أن الخسارة باهظة قال أمير المؤمنين #: (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)، أما المفرط في أيام وليالي شهر رمضان الكريم فيصدق عليه أنه ميت الأحياء، ولو لم يكن التفريط إلا في ساعة من ساعاته.