في فضل شهر رمضان
  قوله: «عتقاء عند وقت الفطر»: أن الله سبحانه بسبب إخلاص الصائمين في عبادتهم لرب العالمين يكتب لهم نجاتهم من النار؛ يوفقهم في بقية أيامهم بألطافه الظاهرة والخفية؛ لأنهم جدوا واجتهدوا واغتنموا فضل الله في شهر رمضان المبارك، فرضي الله عنهم وأرضاهم فتعظيمهم لشهر رمضان تعظيم لله، {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ٣٢}[الحج].
  بسبب الجد آتاهم ربهم تقواهم وأعانهم على الاستقامة فاستطاعوا بتوفيق الله محاربة الشيطان الرجيم حتى وافتهم منياتهم وأخبرتهم الملائكة عند الموت بنجاتهم؛ لأن رحمة الله قريب من المحسنين فلا يوفق لصيام رمضان بإخلاص وتعظيم وحسن نية إلا مؤمن له من الله عناية، ولأجل الاستجابة انشرح نور الهداية في صدورهم وتفجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم فتجافوا عن دار الغرور وأقبلوا على دار الخلود فعملوا لها أعمالاً زكية وتخلقوا بأخلاق مرضية وقد كانوا قبل ذلك يرضون للدنيا ومن أجلها يغضبون، وبعد التوفيق والهداية أصبحت الدنيا عندهم أرخص السلع البائرة، وعلموا أنها السم الناقع والعدو الخادع، عن أمير المؤمنين قال: قال رسول الله ÷: «الصائم لا يُرفع عشاؤه حتى تغفر ذنوبه» انظر في عناية الله ورحمته لعباده في هذا الشهر الكريم جمع الله - تبارك وتعالى - لعبده الصائم في هذا الحديث النبوي بين نعمتين عظيمتين، نعمة عاجلة وهي ما رزقه من الأكل