الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[المحكم والمتشابه]

صفحة 33 - الجزء 1

  وبطلان ما يرد مما هو ضد لها، لأن الحق والباطل لا يجتمعان، فإذا صحت الأصول بانت لك طرق الوصول، فكنت قادراً على التزود إليها من كل محصول، وصارت معرفتك بها وقاية لك من حيل المحتالين، وتلبيس المخالفين؛ الذين شأنهم الترؤس على عباد الله أجمعين، فكلما فهمت من ذلك أصلاً نظرت دلالته من القرآن، وكان مفتاحاً لك إلى تنويره، لأنه من الله الحكم البالغة، فيه النجاة، وفيه الهداية، فلا تزال إذا فعلت ذلك مستفيداً منه ما لم تكن تعلمه، ومطلعاً على ما لم تكن تفهمه، يتمكن في يدك، ويدحض ما كان في يد غيرك، فأعنه بتفهم وتبصر، وتوقف وتفكر، ورد ما التبس عليك منه إلى ما اتضح لك من محكمه.

[المحكم والمتشابه]

  فإن المحكم: ما كان تأويله وظاهره مسموعاً معلوماً به المراد، لا يحتاج إلى تفسير، ولا له سوى تنزيله تأويل.

  والمتشابه: مالم يعلم بظاهر التلاوة واحتيج فيه إلى التفسير، فاحتمل التأويلات⁣(⁣١) المشبهة للمحكم فاعمل به فإن الله سبحانه يقول: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[الزمر: ٥٥] يريد أحوطه


(١) في (ج): فانظر التأويل المشبه.