الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الإيمان والإسلام]

صفحة 37 - الجزء 1

  سَمِيًّا ٦٥}⁣[مريم: ٦٥] أي شبيهاً ... كلا، بل هو الله الذي وصف نفسه بأجل الأسماء، ودل على نفسه بفعله، فقال لذوي العقول التي ركبها فيهم حججاً. انظروا وتأملوا، واستدلوا بالشاهد من الأمور على الغائب، وبالظاهر على الباطن، واستعملوا ما يحسن في العقول، وذروا قول الجهول، فالصنعة في الشاهد تدل على الصانع، والأثر على المؤثر، والتأليف على المؤلف، والفعل على الفاعل، فانسبوا إلى كل ذي فعل فعله، وما تختارونه أيها العقلاء لأنفسكم، وترضونه أن يفعل بكم، وبمن يمسكم فارضوه لغيركم من أبناء جنسكم من ولد آدم، فإنكم ولد أبٍ واحد خلقكم من ذكر وأنثى، وجعلكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وقال فيما دل به على نفسه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}⁣[البقرة: ١٦٤] فدل بآثار صنعه على صانعها، لأنه سبحانه لا يجوز عليه الرؤية ولا المشاهدة، هو وصف نفسه بما ذكر في كتابه من آثار صنعه، فاستدل عليه بما أظهر من لطيف فعله في السماء والأرض وما بينهما، والليل والنهار