[المنافع]
[المنافع]
  والمنافع: فهي ثلاث: نفع مستحق يعمله عامل فيأخذ عليه، داخل لنفع له ولغيره، فيستحق المؤلم العوض على ألمه، مثاله أن يأمره غيره في يوم بارد يسقي غيره من الضعفاء والعطشا، فقد آلمه لغيره، فلا بد من عوض يأخذه وينتفع به ليكون الألم حسناً، والأول يستعمل ثوباً أو بنياناً، أو شيئاً ينتفع به، أو أشياء ينتفع بها غيره بعمله فيستحق أجره، فهذان الوجهان مستحقان بألم وعمل، والوجه الثالث هو التفضل صاحبه بالخيار إن تفضل بما أحب شكر عليه، وإن لم يتفضل لم يذم عليه.
  فهذه الوجوه وجوه المنافع أراد الله سبحانه أن يوصلها إلى عباده مصلحة لهم، ولم يكن السبيل إليها إلا بالفعل الصالح والألم المصلح، فابتلاء العباد بما تسكن إليه نفوسهم وتهواه أو تحبه وتشاه، وابتلاءهم بما تكرهه نفوسهم وتنفر عنه ولا تشاه، لأنه غامٌ، والآخر سارٌ، والنفس إلى الرفاهية أميل وإلى ما تقدم من النفع أعجل، وهو بالمصلحة أعلم - سبحانه - من خلقه فقال سبحانه: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ١٥}[الفجر: ١٥].
  يا هذا أكرمك لتعصيه، وتفسد في أرضه، وتظلم عبده، ما هذا يستحق من أكرم! {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ١٦}[الفجر: ١٦] أهانك يا هذا لينتفع أو يدفع عن نفسه بإهانتك