[الروافض والنواصب]
  فسرت لك من كتابي هذا تعلم الحق على صحته.
  فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # قال: (يا حارث اعرف الحق تعرف أهله، فإن الحق لا يعرف بالرجال)(١) ألا ترى أن لكل شيء من أمر الدنيا والدين له صفة يختص بها، ما شاركه فيها كان مثله، وما خالفه لم يكن مثله، كالصلاة، والحج، والطهارة، والصيام، والزكاة، وغير ذلك.
  وكل فرض منه له صفة معلومة، فمن فعل الحج كان حاجاً، ومن فعل الحجه معه كان مثله، وكذلك سائرها تجري مجراها، كذلك أمور الفسق والشرك والزنا، وكذلك الرمان والعنب والتمر والعسل، فمن لم يعرف شيئاً منها قبح أن يأمره بفعله إلا أن يعلمه إياه ففي فهمه إياه ومكنته منه وعلمه، حسن أن يأمره وينهاه، فلو قلت لمن لا يعرف الرمان: اشتر لي رماناً؛ لكنت قد ظلمته وظلمت نفسك، وما جرى على هذا المثال جميع ما في هذه الدنيا.
  فالعلم بالشيء قبل الأمر به، والعلم أولى بكل ذي عقل، وفي هذا كفاية لمن قبل، فأما من عاند وآثر الدنيا فهو كما قال الله تعالى: {وَلَوْ
(١) وفي نهج البلاغة: ٥٢١: (يا حارث إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك، فحرت إنك لم تعرف الحق فتعرف من أتاه ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه).