الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[العصمة]

صفحة 76 - الجزء 1

  بالله، وتلجأوا إليه، فكل متعبد من ملك ونبي ومؤمن وغيره من الموحدين والملحدين، فمن هذه الطريق أمروا، بعد أن أمكنهم سبحانه وبعد أن أعطاهم من القوة والآلة، فمن اختار اختيار الله رشد، ومن عدل عنه عذّب وفي ضلاله ردد، فأما العصمة الأولى ففعل الله حتماً وجبراً، ولو كان الله قد جبر الأنبياء والملائكة والأئمة على الطاعة لما كان لهم فعل ولكان يقبح مدحهم، ألا ترى أن كل فعل الله في عباده لا يحمد عليه أحد ولا يذم مثل الأسود والأبيض، والموت والحياة، والجدب والخصب، فالله محمود على الكل والصحة والمرض، ويحمد العباد على الإحسان ويذمون على الفساد، وقد قال الله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}⁣[الأنبياء: ٢٣] فلما كان حكيماً كانت أفعاله حكمة، لم يُسأل عنها لأنها صواب.

  وإن عرفنا بعضها وجهلنا بعضها، فعلينا أن نؤمن بكلها رضاً بفعله وثقة به، لأنه حكيم عدل، والحكيم العدل لا يفعل سفها ولا ظلماً.

  نُسْأل عن أفعالنا فنثاب على الحسن والصحيح، ونعاقب على الفساد والقبيح.

  فافهم هذا الفصل فإن فيه أيضاً دلالة على بطلان قول المجبرة الذين يقولون أن الله سبحانه يقضي بالفساد.