المنتزع المختار فيما يتعلق بالاعتقادات من الأحاديث والآثار،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

باب من كلام المعصوم في التوحيد

صفحة 30 - الجزء 1

  ولا بمحدث فيتصرف، ولا بمستتر فيتكشف، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام عن تكييف المكيِّف للأشياء، من لم يزل لا بمكان، ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا يغلبه شأن بعد شأن، البعيد من تخييل القلوب، المتعالي عن الأشباه والضروب، علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منتفية، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا تحيط به الأقدار، ولا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام)⁣(⁣١).

  وفي خطبة علي # التي تسمى الغراء خطب بها في مسجد الكوفة فكان مما حفظ منها بعد الحمد والصلاة:

  (الحمدلله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحوزه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الذي علا بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وجلّ عن شبه الخليقة، وتنزه عن الأفعال القبيحة، وصدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه، وأحسن إليهم في قسمه، لا إله إلا هو الواحد القهار، العزيز الجبار، الذي لم يتناهى في الأوهام بتحديد، ولا يتمثل في العقول بتصوير، ولم تنله مقاييس المقدرين، ولا استخرجته نتائج الأوهام، ولا أدركته تصاريف الاعتبار فأوجدته سبحانه محدوداً، ولا شخصاً مشهوداً، ولا وقتته الأوقات فتجري عليه الأزمنة والغايات، ولم يسبقه حال فيجري عليه الزوال، فسبحانه من عظيم عظم أمره، ومن كبير كبر قدره، ليس بذي كبر امتدت عليه النهايات


(١) أخرجه الإمام أبو طالب # في أماليه: ص ٢٧٠ - ٢٧١ برقم (٢٥٤).