باب من كلام المعصوم في التوحيد
  فكبرته تجسيداً، ولا بذي عظم التحقت به الغايات فعظمته تجسيماً، علا عن التجسيم والتجسيد والتصوير والتحديد علواً كبيراً، شواهده بذلك قائلة، وأحكامه فيه فاصلة، قد هجمت العقول عليها بدلالتها، فظهر لديها تبيان حكمتها، حتى جلت عن المرتابين التهم، وكشفت عنهم الظلم)(١).
  وعن علي # أنه خطب خطبة التوحيد فقال:
  (الحمدلله الذي لا من شيء كان ولا من شيء خلق مَا كَوَّنَ، يستشهد بحدوث الأشياء على قدمه وبما وسمها من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفنا على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك، بأينيَّة ولا له شبح مثال فيوصف بكيفية، ولم يغب عن شيء فيعلم بحيثية، مباين لجميع ما جرى في الصفات، وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الأدوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرم الحالات، لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تدركه الأبصار لجلالته، ممتنع من الأوهام أن تستغرقه، وعن الأذهان أن تتمثله)(٢).
  وفي رواية أخرى: (فليست له صفة تنال، ولا حد يُضرب له فيه الأمثال، كَلَّ دون صفاته تَحَابِيرُ اللغات، وضل هنالك تصاريف الصفات، وحال دون ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول، واحد لا بعدد، دائم لا بأمد، قائم لا بعمد، ليس
(١) أخرجه الإمام أبو طالب # في أماليه: ص ٢٧٣ - ٢٧٤ برقم (٢٥٦).
(٢) أخرجه الإمام أبو طالب # في الأمالي: ص ٢٨١ برقم (٢٥٩).