تنبيه:
  سِنِي الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ - أي: مع أمر - أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً).
  فالابتلاء سنة الله في خلقه، ولقد ابتلى الله آدم بالشجرة ولم يعذره، وقد ذكر الله كل المبررات لو كانت تنفع منها أنه دلاهما بغرور، ومنها أنه قاسمهما، أي: حلف لهما بأيمان كما قيل: يصحي منها قطر الله، ومنها كذبه عليهما: {مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ ٢٠}[الأعراف]، ومع ذلك كله أنها بدت لهما سوآتهما ولقيا بعد ذلك كل عناء في هذه الدنيا، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {فَلَا يُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَىٰٓ ١١٧}[طه].
  نعم، آدم أول نبي من أنبياء الله ولم يعذره ربنا حين خالف النصوص الإلهية والنواهي الربانية فما بالك بمن هو دونه، ولم يعذر الله نبيه يونس وقد نبه الله على خطئه بقوله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ}[الأنبياء: ٨٧]، أي: لم نعذبه، فلم يقترف ما أوقعه في مصيبته جرأة على الله بل اجتهد وظن أن الله سيعذره على ما قد لاقى من قومه، ولم يعذره وحكى الله عنه ما حكى، من ذلك أن الله لم يعاقب أحداً من أنبيائه بمثل ما عوقب به بأن سجنه في بطن الحوت، ومن ذلك مناداته في الظلمات: بطن الحوت، والبحر والليل، وكذلك الظلمات المعنوية، منها: خوفه من الموت قبل أن يقبل الله توبته، ومنها: كيف لو قذفه الحوت إلى أين يكون عاقبة أمره وهو في عمق