باب وجيز في التوحيد
  
  تتمة لشرح قول أمير المؤمنين: (والعدل أن لا تتهمه) اعلم أنه قد يجيء الإشكال على بعض الطلبة فيما لم يظهر وجه الحكمة فيه من أفعال الله وأوامره ونواهيه وعطائه ومنعه غير أنه يجب علينا التسليم لأمر الله في جميع ذلك سواء عرفنا وجه الحكمة كما سبق أم جهلناها فالله سبحانه وتعالى لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والمصلحة انظر في قصة السفينة التي خرقها الخضر كيف رحمة الله محيطة بالمساكين في لقمة عيشهم لئلا يأخذها الملك الظالم، وكذلك قتل الغلام لرحمة الله بوالديه المؤمنين قال تعالى: {فَأَرَدۡنَآ أَن يُبۡدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيۡرٗا مِّنۡهُ زَكَوٰةٗ وَأَقۡرَبَ رُحۡمٗا ٨١}[الكهف]، وفي بناء الجدار على كنز اليتيمين ما يكفي موعظة وعبرة لأولي الألباب فإذا وجدنا شيئاً من أفعال الله وجهلنا وجه الحكمة في ذلك الشيء فلنعلم ولنتيقن أن الحكمة بذلك منوطة كالسفينة والغلام والجدار، مثلاً عندما نجد معوقاً أو معوقين فهذا ناقص من أطرافه وهذا في بعض حواسه وجوارحه وهذا مقعد أو غير ذلك فلنعلم ونعتقد وندين الله بأن حكمته منوطة بخلقه لذلك المعوق كحكمته بخلقه لذلك السوي فقد وضع الله عن ذلك المعوق بعض التكاليف الشرعية وعرَّضه على الخير الكثير بسبب الصبر إن هو رضي بتلك البلية، وأنه بتلك الحالة موعظة وعبرة لأصحاب العافية والكمال في أبدانهم، فإن حمد الله على ذلك وشكر الله كذلك وقال في نفسه: {فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ