فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

التفكر وفضله

صفحة 17 - الجزء 1

  سترك ورفعك في أعين الكثير ممن عرفوك، فهم يعظمونك ويحبونك ويطلبون منك الدعاء وأنت تعلم أنك قد اغتبت بعضهم مرارًا وتكرارًا، ولو أطلعهم الله على شيء من ذلك لَصَغُرْتَ في أعينهم ووقعت لك العداوة في صدورهم وتغيرت نظرتهم إليك. فهل فكرت يومًا من الأيام في ذلك فشكرت الله على الستر لك بين خلقه؟ وهل شكرت الله لأنه لم يعاجلك بالنقمة عند اقترافك للآثام؟ وهل استغفرت الله لتباعدك عن الاستغفار من ذلك؟

  فيحق لكل عاقل أن يستحي من الله حق الحياء، وأن تسوءه سيئته، قال الوصي #: (سيئة تسوؤك خير من حسنة تعجبك). فالواجب على كل عاقل أن يعرف نعمة الله عليه بالستر، ويعتقد أنه مقصر في شكر الله، ويتوب إليه ليلًا ونهارًا وسرًّا وجهارًا، ويستحضر مراقبة الله له في حركاته وسكناته وفي سره وعلانيته، ويردد على قلبه وسمعه قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ ٧}⁣[المجادلة ٧].

  انظر إلى نعمة الله علينا بهذه الآية ورحمته {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ ٢٤}⁣[محمد] فقد بلغت الموعظة بقوله: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ} منتهاها.