التحذير من التفرقة وغيرها
  والديهم ويقولون: صدق الوالدان القول ما قال الصغير وهم يرون بعيونهم ويسمعون بآذانهم خلافه، وتارة يقولون: كم قد لقي أخونا الكبير من العناء والتعب من أجلنا، فإذا تكلموا أو أحدهم بهذا عند الوالدين قامت القيامة وتزلزلت أركان البيت من شدة الغضب فلا يطيقان سماع كلمة واحدة من هذا القبيل.
  فعند ذلك أقبلت الفتنة وحطت رحلها وتمزقت الألفة واشتت شملها فالوالدان يظلمان الأولاد الكبار وأولادهم وأزواجهم من أجل الصغير المحبوب، والصغير يظلم الكبار بسبب ما أوتي من قوة ببركة الوالدين، والإخوة الكبار يعقون والديهم ويتحاملون عليهم بسبب ما يرون من الميل الجائر، وكل واحد من الإخوة يريد إقناع الأصدقاء والأرحام أنه هو المظلوم والمهضوم، فعند ذلك يصعب عند القريب والبعيد إصلاح شأنهم وجمع شملهم فنصيحة أحدهم من الصديق تورث العداوة، فتبقى هذه المشاكل بين الأسرة سنيناً عديدة.
  فإذا أراد الإخوان القسمة لما في أيديهم أقبلت المشاكي عند الواسطة من كل فج عميق وتشعبت الآراء واختلفت الأهواء فالكبير يقول: هذا المحصول تعبي وكدي بيدي، والصغير يقول: أكلْتَنا وظلمْتَنا وأخذتَ حقنا وكم قد خدمنا وتعبنا بجانبك فلا ترى لنا جميلاً ولا جودة.
  فلا الكبير يرحم الصغير، ولا الصغير يوقر الكبير، وبعد ذلك