التحذير من التفرقة وغيرها
  ويتزوج كل واحد من الإخوة ويصلح شأنهم ويكثر خيرهم وكذلك برهم لوالديهم، وعند ذلك تمت عليهم النعمة، فالوالدان يسعدان ببر الصغير والكبير فلا تفارق السعادة قلب أحد الوالدين أو كليهما في شأن أحد أولادهم إلا وانتقلت في آخر.
  فلما رأى الشيطان ذلك وما هم فيه من النعمة والسعادة والراحة غاضه ذلك وأقبل لعنه الله إليهم مهرولاً قد جمع كيده الضعيف فأقبل نحو الوالدين ناصحاً لهما ومتظلماً لولدهما الصغير أو أحدهم وزوجته فزرع - لعنه الله - في قلوبهما أن الصغير مسكين ضعيف مظلوم مهضوم وغير ذلك مما يزيد الطين بلة، فترى الوالدين بعد ذلك يهتفان بذكر الصغير تارة أنه أبر الإخوة وأخرى أنه مسكين مهضوم مظلوم وأن زوجته كادت أن تكون مريم بنت عمران أو فاطمة بنت الرسول ÷ في برها وطهارتها وحسن أخلاقها فهما يبثان ذلك عند الصديق والعدو والقريب والبعيد، فترى الولد الأصغر يضحك من غير مرح ويطرب من غير فرح، فشوره هو الصواب وتعبه هو العذاب فيتسرب كل ذلك إلى قلبه قائلاً: من أبر مني لوالدي فأنا صاحب التوفيق والتسديد والقول الرشيد فلا يتكلم أحد من إخوانه عند والديه إلا قالا: الصواب غير ذلك والرأي السديد غير ذلك، فلا يبقى للكبير كلمة مسموعة فالحق والصواب ما نطق به قرة العين الصغير، والإخوان غير الصغير والكبير يضطربون في شأنهم ويتحيرون في أمرهم فينظرون لكلام