تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 282 - الجزء 1

  كُنْتُ جَالِسًا بِالْبَصْرَةِ وَأَنَا حِينَئِذٍ غُلَامٌ أَتَطَهَّرُ لِلصَّلَاةِ، إِذْ مَرَّ بِي رَجُلٌ رَاكِبٌ بَغْلَةً شَهْبَاءَ، مُتَلَثِّمٌ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، فَقَالَ لِي: (يَا حَسَنُ؛ أَحْسِنْ وُضُوءَكَ يُحْسِنِ اللهُ إِلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا حَسَنُ؛ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلَاةَ مِكْيَالٌ وَمِيزَانٌ).

  قَالَ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَتَأَمَّلْتُ، فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ #، فَأَسْرَعْتُ فِي طُهُورِي، وَجَعَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ، إِذْ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ، فَقَالَ لِي: (يَا غُلَامُ؛ أَلَكَ حَاجَةٌ؟).

  قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ تُفِيدُنِي كَلَامًا يَنْفَعْنِي اللهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

  قَالَ: (يَا غُلَامُ؛ إِنَّهُ مَنْ صَدَقَ اللهَ نَجَا، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنْ ذَنْبِهِ أَمِنَ الرَّدَى، وَمَنْ زَهِدَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا قَرَّتْ عَيْنَاهُ بِمَا يَرَى مِنْ ثَوَابِ اللهِ غَدًا).

  ثُمَّ قَالَ: (يَا غُلَامُ؛ أَلَا أَزِيدُكَ؟)

  قُلْتُ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

  قَالَ: (إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللهَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، فَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا زَاهِدًا، وَفِي


= الإمام الموفق بالله # وهو يدل على موالاته أمير المؤمنين، وروايته عن أمير المؤمنين # هذا الحديث في الأمالي الجامع لما ترى وتسمع عن العلوم من مفاخره ومناقبه، وهو مشهور بالقول بالعدل والتوحيد والله أعلم. مات الحسن سنة عشر ومائة، وولادته قيل: سنة إحدى وعشرين في آخر أيام عمر بن الخطاب، وكان الحسن من الفرسان المشهورين والشجعان المذكورين. (هامش هـ). [ذكر كلام الحسن البصري في علي # في الاستيعاب ولفظه: «كَانَ علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه، ورباني هَذِهِ الأمة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رَسُول اللَّهِ ÷، لم يكن بالنومة عَنْ أمر الله، ولا بالملومة فِي دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياضٍ مونقة، ذَلِكَ علي بْن أَبِي طالب ¥ يَا لكع»].

(*) قال علامة العصر عبدالله بن الإمام الهادي الحسن القاسمي ¦ في حاشية كرامات الأولياء ص ١٥٩: أبو سعيد عدلي الأصول وأحد الأئمة، شهرته تغني عن الإطناب في نعوته، وثقه ابن سعد إلا ما أرسله فليس هو عنده بحجة. وقال ابن المديني: مرسلات الحسن التي رواها عنه الثقات صحاح ما قل ما يسقط منها. وقال يونس: إنه سأله عمن يرسل؟ فقال الحسن: كل ذلك عن علي # إلا أني لا أستطيع ذكره. قلت: وقد ثبت سماعه عن الوصي # كما في أمالي السيد أبي طالب وغيره. خرج له: الجماعة كلهم، ومن أئمتنا الهادي والناصر والخمسة.