الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  وَاعْلَمُوا أَنَّ جِهَادَ النَّفْسِ هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ(١)، وَاللهِ مَا هُوَ شَيْءٌ قُلْتُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ جَاهَدَ نَفْسَهُ فَرَدَّهَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلَّا بَاهَى اللهُ بِهِ كِرَامَ الْمَلَائِكَةِ، وَمَنْ بَاهَى اللهُ بِهِ كِرَامَ الْمَلَائِكَةِ فَلَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ» ثُمَّ قَالَ: {فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ ٢١}[محمد])(٢).
  ٣٣٩ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني |، قال: أخبرنا عبدالرحمن بن الحسن بن عبيد، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد الحميري، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبدالله، عن فطر(٣) بن خليفة:
  أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ @ لَمَّا أُصِيبَ عَلِيٌّ # قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ، وَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ، الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْإِسْلَامِ، وَجَعَلَ فِينَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، وَاصْطَفَانَا عَلَى خَلْقِهِ، فَجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ، مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَأَنَا ابْنُ الدَّاعِي إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ فِيهِمْ، وَمِنْهُمْ يَصْعَدُ، وَنَحْنُ الَّذِينَ افْتَرَضَ اللهُ مَوَدَّتَنَا وَوِلَايَتَنَا، فَقَالَ: {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ}[الشورى: ٢٣].
  أَيُّهَا النَّاسُ؛ لَقَدْ فَارَقَكُمْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَوَّلُونَ وَمَا
(١) الخبر النبوي فقد رواه الإمام محمد بن القاسم الرسي @ في شرح دعائم الإيمان ص ١٠٨ وفي الأصول الثمانية ص ٢٥٧، وأحمد بن موسى الطبري صاحب الإمام الهادي # في المنير ص ١٦٦، وفي مجالسه ص ٥٢، والإمام الموفق بالله # في الاعتبار ص ٥٢٧ والأمير الحسين # في الشفاء ١/ ٣٠٤ وابن أبي الحديد في شرح النهج ١٠/ ٥٤. عن النبي ÷ في أخباره، قال # حين رجعوا من غزوهم: «رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر».
(٢) رواه الشهيد حميد ¥ في الحدائق الوردية ١/ ١٢٣ - ١٢٥.
(٣) بفتح الفاء وسكون الطاء المهملة، ابن خليفة - بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم فاء - القرشي المخزومي مولاهم أبو بكر الحناط - بالحاء المهملة - الكوفي أحد الشيعة المشاهير. مات سنة خمس وخمسين ومائة، ويقال أيضاً: إنه بكسر الفاء، وسمع في مرضه يقول: ما يسرني أن كل مكان شعرة في جسدي ملك يسبح الله بحبي أهل البيت. (هامش هـ).