الباب الحادي والثلاثون في الصبر على احتمال كلفة الأولاد وما يتصل بذلك
  ٦٥٦ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب ¥، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن مهدي الطبري، قال: حدثنا أبو الحسين الغازي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان الثوري، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن المسيب، قال:
  خَرَجَ عَلِيٌّ # يَوْمًا مِنَ الْبَيْتِ فَاسْتَقْبَلَهُ سَلْمَانُ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا عبدالله؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ فِي غُمُومٍ أَرْبَعَةٍ، فَقَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: غَمُّ الْعِيَالِ، يَطْلُبُونَ الْخُبْزَ وَالشَّهَوَاتِ، وَالْخَالِقُ يَطْلُبُ الطَّاعَةَ، وَالشَّيْطَانُ يَأْمُرُ بِالْمَعْصِيَةِ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ # يَطْلُبُ الرُّوحَ، فَقَالَ عَلِيٌّ #: أَبْشِرْ أَبَا عبدالله؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ خَصْلَةٍ دَرَجَاتٍ، فَإِنِّي كُنْتُ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ÷ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا عَلِيُّ؟» فَقُلْتُ: أَصْبَحْتُ وَلَيْسَ فِي بَيْتِي شَيْءٌ غَيْرَ الْمَاءِ، وَإِنِّي مُغْتَمٌّ بِحَالِ فَرْخَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَقَالَ لِي: «يَا عَلِيُّ؛ غَمُّ الْعِيَالِ سِتْرٌ مِنَ النَّارِ، وَطَاعَةُ الْخَالِقِ أَمَانٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَالصَّبْرُ عَلَى الْفَاقَةِ جِهَادٌ، وَأَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً، وَغَمُّ الْمَوْتِ كَفَّارَةُ الذُّنُوبِ، وَاعْلَمْ - يَا عَلِيُّ - أَنَّ أَرْزَاقَ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، وَغَمُّكَ لَهُمْ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، غَيْرَ أَنَّكَ تُؤْجَرُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ أَغَمَّ الْغَمِّ غَمُّ الْعِيَالِ»(١).
  ٦٥٧ - وبه قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن بدر الكَرَجِي، قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن خَلَّاد، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة، قال: حدثنا عبيدالله بن عمر، قال: حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس:
  عَنِ النَّبِيِّ ÷ قَالَ: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا مِنْ بَيْنِ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللهُ أَوْجَبَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ الْجَنَّةَ؛ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لَا يُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ
(١) رواه أبو الحسن علي بن مهدي الطبري في نزهة الأبصار ومحاسن الآثار ص ٣٥٣، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة ص ٣١٢ وص ٣١٧ مختصرًا، ورواه السبزاوري في جامع الأخبار ص ٢٣٩، ورواه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه في الرسم ١/ ٩١٢.