الباب الخامس والثلاثون في الترغيب في الحب في الله وذكر ما يحبه وما يتصل بذلك
  السَّخَاءُ وَالسَّمَاحَةُ، وَاللَّتَانِ يُبْغِضُهُمَا: سُوءُ الْخُلُقِ وَالْبُخْلُ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ»(١).
  ٧١٣ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب، قال: أخبرنا عبدالله بن عدي الحافظ، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أبي السَّرِي، قال: حدثنا رشدين بن سعد، قال: حدثنا زبان بن فايد، عن سهل بن معاذ الجهني، عن أبيه - وكانت له صحبة - قال:
  قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «مَنْ أَحَبَّ فِي اللهِ، وَأَبْغَضَ فِي اللهِ، وَأَعْطَى فِي اللهِ، وَمَنَعَ فِي اللهِ(٢)، وَأَنْكَحَ فِي اللهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ»(٣).
  ٧١٤ - وبه قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن خالد البَرْقِي، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قُرَّةَ، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي $ قال:
  قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ: تَحَبَّبُوا إِلَى اللهِ ø
(١) روى طرفًا منه الإمام محمد بن القاسم الرسي # في شرح دعائم الإيمان مجموع كتبه ورسائله ص ١٩٣، ورواه البيهقي في شعب الإيمان ١٠/ ١١٦، وفي ١٣/ ٢٨٧، وأبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين ٣/ ٢٤٤.
(٢) قال الإمام المنصور بالله # في حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية ص ١٠٥: قوله #: «وَأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ». الإعطاءُ نقيض المنع، ومعنى الإعطاء لله تعالى هو تسليم الحقوق الواجبة إلى أوليائه المستحقين لها، ومعنى المنع لله أن تمنع أعداء الله من الحقوق الواجبة لأوليائه؛ إذ هم لا يستحقون شيئًا منها لكونها مشروطة بالطاعة، فأما عطايا النفل وما يتعلق بالإحسان والمروءة فما حُظِرَ ذلك عن أحد، وقد قال تعالى: {كُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا ٢٠} وقد ورد في الآثار المقدَّسةِ الحضُّ على صلة القاطعين، والإحسانُ إلى المسيئين، والتجاوزُ عن المذنبين، وجميع ما ذكرنا معلوم من أخلاق الصالحين مع الطالحين.
(٣) رواه ابن عدي في الكامل ٤/ ٧٣، ورواه أحمد في المسند ط الرسالة ٢٤/ ٣٨٣، والترمذي في السنن ت شاكر ٤/ ٦٧٠، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة ١/ ٤٠٥، وأبو يعلى الموصلي مسنده ٣/ ٦٠ - ٦٣، وأبو بكر الخلال في السنة ٥/ ٦٢، وابن بطة العكبري في الإبانة الكبرى ٢/ ٦٥٨.