تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الخامس والثلاثون في الترغيب في الحب في الله وذكر ما يحبه وما يتصل بذلك

صفحة 511 - الجزء 1

  وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ، قَالُوا: يَا رُوحَ اللهِ؛ بِمَ نَتَحَبَّبُ إِلَى اللهِ وَنَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: بِبُغْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِي، وَالْتَمِسُوا رِضَا اللهِ بِسَخَطِهِمْ»⁣(⁣١).

  ٧١٥ - وبه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني |، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا عبدالرحمن بن الوليد، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا عبدالله بن عامر الأسلمي، عن أبي حازم، عن أبي إدريس الخولاني⁣(⁣٢)، عن معاذ قال:

  سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ÷ يَقُولُ: «يَقُولُ اللهُ ø: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ فِيَّ، وَيَتَبَاذَلُونَ فِيَّ، وَيَتَزَاوَرُونَ فِيَّ»⁣(⁣٣).


(١) قد روي عن مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ، تَحَبَّبُوا إِلَى اللهِ ببُغْضِكُمْ أَهْلَ الْمَعَاصِي، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِمَا يُبَاعِدُكُمْ مِنْهُمْ، وَالْتَمِسُوا رِضَاهُ بسَخَطِهِمْ - قَالَ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ - قَالُوا: يَا رُوحَ اللهِ، فَمَنْ نُجَالِسُ؟ قَالَ: جَالِسُوا مَنْ يُذَكِّرُكُمْ بِاللهِ رُؤْيَتُهُ، وَمَنْ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَمَنْ يُرَغِّبُ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ. رواه عنه ابن المبارك في الزهد والرقائق ١/ ١٢١، وأبو عُبيد القاسم بن سلَّام، في الخطب والمواعظ ص ١٦٠، وأحمد بن حنبل في الزهد ص ٤٨، والآبي في نثر الدر في المحاضرات ٧/ ١٠، والبيهقي في شعب الإيمان ١٢/ ٤٨، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ١/ ٦١٩، وأبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين ٢/ ١٥٩، وغيرهم.

(٢) أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ اسْمُهُ عَائِذُ اللهِ بْنُ عبدالله، وُلِدَ عَامَ حُنَيْنٍ وَكَانَ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ، وَكَبِيرَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مُحَارَبَتَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ #، وَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ حَتَّى تُقَاتِلَ عَلِيًّا، وَتُنَازِعُهُ الْخِلَافَةَ، وَلَسْتَ أَنْتَ مِثْلَهُ، لَسْتَ زَوْجَ فَاطِمَةَ وَلَا بِأَبِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَلَا بِابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ ÷ فَخَافَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُفْسِدَ قُلُوبَ قُرَّاءِ الشَّامِ، وَفَي الْقِصَّةِ طُولٍ وَرِوَايَاتٌ، وَفَي الأَخِيرِ انْخَدَعَ لِمُعَاوِيَةَ وَنَاصَرَ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ فَكَانَ مِنْهُمْ فَجَمَعَ جَمَاعَةَ قُرَّاءِ الشَّامِ وَحَثَّهُمْ عَلَى قِتَالِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ # الذي شَهِدَ بِفَضْلِهِ نَعُوذُ بالله مِنَ الْخُذْلَانِ. وَأَصْبَحَ قَاضِيًا لِمُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ فِي دِمَشْقَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهْ، وَتُوفِيَ عَامَ ثَمَانِين.

(٣) رواه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # في السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول ص ٣٥٧، والعنسي في الإرشاد إلى نجاة العباد ص ١٣١، ورواه مالك بن أنس في الموطأ ت عبد الباقي ٢/ ٩٥٣، وابن وهب في الجامع ت مصطفى أبو الخير، ص ٣٣٨، وأحمد في المسند ط الرسالة ٣٦/ ٣٥٩، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٠/ ٣٤، وابن حبان في صحيحه ٢/ ٣٣٥، والحاكم في المستدرك ٤/ ١٨٦.