الباب الحادي والأربعون في ذكر أخبار عبد المطلب وأبي طالب وما يتصل بذلك
  الشَّامِ بِأَثَاثٍ وَخُرْثٍ(١) - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَيَلْفِظُنِيَ السَّهْلُ إِلَى الْحَزْنِ؛ أُرِيدُ أَؤُمُّ بِهَا جُمُوعَ الْمَوْسِمِ وَدَهْمَاءَ الْعَرَبِ - فَقَدِمْتُ مَكَّةَ بِلَيْلٍ مُسْدِفٍ، فَنِمْتُ حَتَّى إِذَا لَاحَ لِي عَمُودُ الصُّبْحِ فَتَحْتُ عَيْنَيَّ فَإِذَا أَنَا بِقِبَابٍ تُسَامِي الْجِبَالَ مَضْرُوبَةٍ - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مُجَلَّلَةٍ بِأَنْطَاعِ الطَّائِفِ(٢) - وَإِذَا إِبِلٌ تُنْحَرُ وَأُخْرَى تُسَاقُ، وَإِذَا جَوَارٍ قَدْ حَسَرْنَ عَنْ أَذْرُعِهِنَّ يَثْرِدْنَ فِي الْجِفَانِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُنَادِي: يَا وَفْدَ اللهِ هَلُمُّوا إِلَى الْغَدَاءِ - وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: الْغَدَاءَ الْغَدَاءَ - وَإِذَا أُنَيْسَانٌ عَلَى طَرِيقٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ مَنْ تَغَدَّى فَلْيَرُحِ الْعَشَاءَ، قَالَ: فَبَهَرَنِي مَا رَأَيْتُ، فَدَلَفْتُ دَلَفَانِ النَّسْرِ(٣) أَطْلُبُ عَمِيدَ الْقَوْمِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْرِفَ أَمْرَهُ، قَالَ: فَعَرَفَ رَجُلٌ مَا بِي، فَقَالَ: أَمَامَكَ؛ فَمَضَيْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى شَيْخٍ عَلَى كُرْسِيٍّ سَأْسَمٍ(٤)، كَأَنَّ الشِّعْرَى يَتَوَقَّدُ مِنْ جَبْهَتِهِ، وَأَسَارِيرُ وَجْهِهِ نُورٌ يَتَلَألَأُ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَحَوْلَهُ مَشْيَخَةٌ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرَ، مَا يَنْبِصُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ(٥)، وَكَانَ نُمِيَ إلَيَّ عَنْ حَبْرٍ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ أَنَّ النَّبِيَّ التَّهَامِيَّ هَذَا إِبَّانُ نُجُومِهِ، فَظَنَنْتُهُ هُوَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَقَالَ: صَهْ، لَسْتُ بِهِ، وَلَيْتَنِي، وَكَأَنْ قَدِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا، قَالُوا: هَذَا أَبُو نَضْلَةَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ(٦).
  ٧٨٦ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب ¥، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني |، قال: أخبرنا إسحاق بن يعقوب بن إبراهيم، قال:
(١) الخُرْثِيُّ، بالضم: أثاثُ البيتِ، أو أرْدَأُ الْمَتَاعِ والْغَنائِم. (قاموس ص ١٦٨).
(٢) وفي لفظ إحدى الروايات «قباب منصوبة مع شعف الجبال عليها أنطاع طائفية». النَّطْعُ، بالكسر وبالفتح وبالتحريكِ، وكعِنَبٍ: بساطٌ من الأديمِ، ج: أَنْطاعٌ، ونُطُوعٌ. قاموس ص ٧٦٧.
(٣) دَلَفانًا، مُحرَّكةً: مَشَى مَشْيَ الْمُقَيَّدِ، وفَوْقَ الدَّبِيبِ. قاموس ص ٨١٠.
(٤) السَّأسم بهمز؛ وزان جعفر عربي: الآبنوس كما في المصباح، وفي القاموس كعالَم بفتح اللام. (هامش نسخة الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #).
(٥) وما يَنْبِصُ: ما يَتَكَلَّمُ. وما سَمِعْتُ له نَبْصَةً: كلمةً. قاموس ص ٦٣٢.
(٦) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٠/ ٤١٤، من ثلاث طرق، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق ٩/ ٢٨١، وابن كثير في البداية والنهاية ط هجر ٣/ ٥٢٢ - ٥٢٤، وفي السيرة النبوية ١/ ٣٠٨.