تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب السابع والأربعون في التحذير عن معاصي الله وما يتصل بذلك

صفحة 599 - الجزء 1

  أبو القاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى العطار، قال: حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو خالد عمرو بن خالد قال:

  بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ @ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ سَعْدٌ، مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيُخْبِرُونَنَا بِأَحَادِيثَ، فَإِمَّا نَحْنُ قَوْمٌ ضَلَلْنَا، وَإِمَّا قَوْمٌ كُتِمْنَا، فَالْحُجَّةُ عَلَى مَنْ كَتَمَهَا! قَالَ: وَمَا هِيَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: هِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أُوَاجِهَكَ بِهَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؛ قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّي إِلَّا جِئْتَ بِهَا، قَالَ: أَمَّا إِذَا عَزَمْتَ عَلَيَّ فَسَوْفَ أُخْبِرُكَ، يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّكُمْ سَتَرْجِعُونَ أَنْتُمْ وَعَدُوُّكُمْ إِلَى دَارِ الدُّنْيَا فَتَقْتَصُّونَ مِنْهُمْ مَا أَتَوْا إِلَيْكُمْ قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّكَ تَعْرِفُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ÷ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ.

  قَالَ: إِيهٍ يَا سَعْدُ! مَا أَظُنُّ مَنْ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا يَقُولُ فِينَا هَذَا!.

  قَالَ: وَيَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّكَ تَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ ÷ الشَّهْبَاءَ، فَتُصَلِّي بِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْنَا بِالْمَدِينَةِ! وَيَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّكُمْ تَأْمُرُونَ نِسَاءَكُمُ الْحُيَّضَ إِذَا هُنَّ طَهُرْنَ بِأَنْ يَقْضِينَ مَا جَلَسْنَ عَنْهُ فِي حَيْضِهِنَّ مِنْ صَلَاةٍ!.

  قَالَ: إِيهٍ يَا سَعْدُ! قَالَ: حَسْبِي؛ أَخْرِجْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ.

  قَالَ: أَمَّا قَوْلُكَ: إِنِّي أَعْرِفُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ÷ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ؛ فَهَذَا بَيْتِي لَهُ بَابٌ سِوَى هَذَا الْبَابِ، وَمِنْهُ يَدْخُلُ أَهْلِي، وَاللهِ مَا أَدْرِي مَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمْ، ومَا الَّذِي يَتَحَدَّثُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ أَعْلَمُ مَا نَأَى عَنِّي!.

  وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنِّي أَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ ÷ الشَّهْبَاءَ فَأُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ أَرُوحُ إِلَيْكُمْ بِالْمَدِينَةِ! فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ ÷ قَطُّ، وَمَا رَأَيْتُ الْكُوفَةَ فِي نَوْمٍ وَلَا يَقَظَةٍ.

  وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا سَنَرْجِعُ نَحْنُ وَعَدُوُّنَا إِلَى دَارِ الدُّنْيَا، فَنَقْتَصُّ مِنْهُمْ مَا أَتَوْا إِلَيْنَا