الباب الأول في ذكر معجزات النبي ÷ ودلائله
  لَنَا مِنْهُ خُبْزًا، وَذَبَحْتُ تِلْكَ الشَّاةَ، فَشَوَيْنَاهَا لِرَسُولِ اللهِ ÷، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا وَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ ÷ الِانْصِرَافَ عَنِ الْخَنْدَقِ، وَكُنَّا نَعْمَلُ فِيهِ نَهَارًا، فَإِذَا أَمْسَيْنَا رَجِعْنَا.
  قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ لَكَ شُوَيْهَةً كَانَتْ عِنْدَنَا، وَصَنَعْنَا شَيْئًا مِنْ خُبْزِ هَذَا الشَّعِيرِ، فَأُحِبُّ أَنْ تَنْصَرِفَ مَعِي إِلَى مَنْزِلِي - وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعِيَ رَسُولُ اللهِ ÷ وَحْدَهُ - فَلَمَّا قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ: «نَعَمْ».
  ثُمَّ أَمَرَ صَارِخًا فَصَرَخَ: أَنِ انْصَرِفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ ÷ إِلَى بَيْتِ جَابِرٍ.
  قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ ÷، وَأَقْبَلَ النَّاسُ مَعَهُ، فَجَلَسَ وَأَخْرَجْنَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَبَرَّكَ وَسَمَّى وَأَكَلَ، وَتَوَارَدَهَا النَّاسُ، كُلَّمَا فَرَغَ قَوْمٌ قَامُوا وَجَاءَ نَاسٌ، حَتَّى صَدَرَ أَهْلُ الْخَنْدَقِ عَنْهَا وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ(١).
  ١٣ - وبه قال: أخبرنا محمد بن بُنْدَار، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا قتيبة(٢) بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل(٣)، عن عمر، عن رجل من بني سلمة(٤) ثقة، عن جابر بن عبدالله الأنصاري:
  أَنَّ نَاضِحًا لِبَعْضِ بَنِي سَلَمَةَ اغْتَلَمَ(٥)، وَكَانَ يُنْضَحُ عَلَيْهِ، فَصَالَ عَلَيْهِمْ، وَامْتَنَعَ حَتَّى عَطِشَتْ نَخِيلُهُ فَذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ ÷ فَاشْتَكَى ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ÷: «انْطَلِقْ» فَذَهَبَ النَّبِيُّ ÷ مَعَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ النَّخِيلِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَا تَدْخُلْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ÷: «ادْخُلُوا فَلَا
(١) هذا الخبر من المعجزات المتواترة في نبوءة النبي ÷ وقد خرج في جميع كتب التاريخ والسير والحديث وفي كتب دلائل النبوءة، وأخرج نحوه البخاري في الصحيح ٤/ ٧٤ ٥/ ١٠٨، ومسلم في الصحيح ٣/ ١٦١٠.
(٢) قتيبة بن سعيد الثقفي مولاهم أبو رجاء البغلي بغين معجمة وبغلان من قرى بلخ، أحد أئمة الحديث. توفي سنة أربعين ومائتين. (هامش هـ).
(٣) هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني القارئ أحد الكبار توفي سنة ثمانين ومائة انتهى. (من هامش الأمالي كتبه المفتقر إلى الله مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي عفا الله عنهم).
(٤) بني سلمة بكسر اللام: من الأنصار رهط جابر بن عبدالله. (هامش هـ).
(٥) أي: لم يعمل من شهوة الضراب. (هامش هـ).