تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب السابع والخمسون في ذكر رحمة الله ولطفه بعباده وما يتصل بذلك

صفحة 658 - الجزء 1

  حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذِرَاعِ أَخِيهِ الْمُكْرِمِ لَهُ الْوَاصِلِ لَهُ، فَيَقُولُ: يَا أَخِي؛ أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَلَسْتَ الصَّانِعُ بِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيُعَرِّفُهُ كُلَّ شَيْءٍ صَنَعَهُ بِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتُّحْفَةِ، فَقُمْ مَعِي، فَيَقُولُ: إِلَى أَيْنَ؟ فَيَقُولُ: لِأُدْخِلَكَ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ اللهَ ø قَدْ أَذِنَ لِي فِي ذَلِكَ، فَيَنْطَلِقُ بِهِ آخِذًا بِيَدِهِ، لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللهِ ø لَهُمَا، وَمَنِّهِ عَلَيْهِمَا»⁣(⁣١).

  ٩٤٣ - وبه قال: أخبرنا محمد بن بُنْدَار، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا محمد بن عبدالله، قال: حدثنا عبدالوهاب بن عطاء، قال: حدثنا الهيثم بن الحواري، عن زيد العمي، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله:

  عَنِ النَّبِيِّ ÷ قَالَ: «أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ مَنْ قَبْلِي: أَمَّا وَاحِدَةٌ: فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَدًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَإِنَّ اللهَ ø يَأْمُرُ جَنَّتَهُ أَنِ اسْتَعِدِّي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي، فَيُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ نَصَبُ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا عَنْهُمْ، وَيَصِيرُونَ إِلَى جَنَّتِي وَكَرَامَتِي، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُمْ جَمِيعًا» قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ: هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الْعُمَّالِ إِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا»⁣(⁣٢).

  قال السيد الإمام أبو طالب الحسني ¥: مَعْنَى قَوْلِهِ: «نَظَرَ إِلَيْهِمْ» يَعْنِي نَظَرَ الرَّحْمَةِ، فَأَثْبَتَ لَهُمْ مِنْ نَظَرِ الْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ مَا خَبَاهُ عَلَى الْكُفَّارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ}⁣[آل عمران: ٧٧] وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الرُّؤْيَةَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى رَائِي الْعِبَادِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا.


(١) رواه الإمام القاسم بن محمد # في مجموع كتبه ورسائله (القسم الأول) ص ٢٠٣ قال: وروى # في (الأمالي) أيضًا بإسناده إلى النبي ÷ أنه قال: «إن الله يجمع فقراء هذه الأمة ومياسيرها في رحبة باب الجنة .... الخ.

(٢) رواه الحسن بن سفيان النسوي في الأربعين صفحة ٧٧ والبيهقي في شعب الإيمان ٥/ ٢٢٠ وفي فضائل الأوقات صفحة ١٤٥ وابن عساكر في فضل شهر رمضان صفحة ١٣٤.