باب في ذكر القضاة والقضايا وهو السابع عشر
  وهذه الأحاديث تدل على بطلان قول من يكره فصل القضاء في المسجد، وقد كان أمير المؤمنين # يأمر شريحاً ¥ بالجلوس في المسجد الأعظم، وكيف يكره فصل القضاء في المسجد وهو من أفضل الطاعات.
  وفيه قول رسول الله ÷: ((أَجْرُ الْقَاضِي يَوْماً وَاحِداً يَعْدِلُ عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً)).
  وقال يحيى بن الحسين #: بلغنا أن أمير المؤمنين # وجد درعاً له عند نصراني فأقبل به إلى شريح قاضيه على المسلمين فخاصمه عنده، قال: فلما رآه شريح زَحَلَ(١) له عن مجلسه، فقال له: (مَكَانَكَ)، فجلس إلى جنبه، ثم قال(٢): (يَا شُرَيْحُ، أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِماً مَا جَلَسْتُ إِلَّا مَعَهُ فِي مَجْلِسِ الْخُصُومِ، وَلَكِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: ((إِذَا كُنْتُمْ وَإِيَّاهُمْ فِي طَرِيقٍ فَأَلْجِئُوهُمْ إِلَى مَضَائِقِهِ، وَصَغِّرُوا بِهِمْ كَمَا صَغَّرَ اللهُ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَظْلِمُوهُمْ)).
  ثم قال #: (يَا شُرَيْحُ، هَذِهِ(٣) دِرْعِي لَمْ أَبِعْ وَلَمْ أَهَبْ)، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما قال أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت شريح إلى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بينة؟ قال: فضحك عليٌّ # وقال: (أَصَابَ شُرَيْحٌ، مَا لِي مِنْ بَيِّنَةٍ)،
(١) بالزاي المعجمة والحاء المهملة. (نهاية وقاموس). (هامش أ، ج). وفي (و): تزحل. تمت. قال في مختار الصحاح: زحل عن مكانه: تنحى وتباعد، وبابه خضع، وتزحل مثله.
(٢) في (و): فقال.
(٣) في (د): هذا.