باب في ذكر القضاة والقضايا وهو السابع عشر
  وقال أمير المؤمنين يحيى بن الحسين #: وقد أقام علي بن أبي طالب # حد الخمر على الوليد بن عقبة في ولاية عثمان بن عفان ولم يَرَ طرحه، فولي ذلك بيده، وذلك أنه روي أن عثمان قال: من أحب أن يقيم عليه الحد فليقم، فأما أنا فلا آمر به، فقال أمير المؤمنين #: (وَاللهِ لَا يُعَطَّلُ للهِ حَدٌّ وَأَنَا فِي الْإِسْلَامِ)(١)، ثم قام فضربه بيده ثمانين، وكان ذلك الحد متقادماً؛ وذلك أنه شرب بالكوفة، ويقال: إنه صلى بالناس الصبح أربعاً، وَقَاءَ الخمر في المسجد، ثم رفع رأسه إلى الناس فقال: أزيدكم؟! فَشُهِدَ(٢) عليه بالشرب، ورفع خبره إلى عثمان، وأمر برفعه إليه، فكان من أمره ما قد شرحناه.
  وبإسناده عن أمير المؤمنين # أنه قال: (ثَلَاثٌ مَا فَعَلْتُهُنَّ قَطُّ، وَلَا أَفْعَلُهُنَّ أَبَداً: مَا عَبَدتُّ وَثَناً قَطُّ؛ وَذَلِكَ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَعْبُدَ مَا لَا يَضُرُّنِي وَلَا يَنْفَعُنِي، وَلَا زَنَيْتُ قَطُّ؛ وَذَلِكَ لِأَنِّي أَكْرَهُ فِي حُرْمَةِ غَيْرِي مَا أَكْرَهُ فِي حُرْمَتِي، وَلَا شَرِبْتُ خَمْراً قَطُّ؛ وَذَلِكَ أَنِّي لِمَا يَزِيدُ فِي عَقْلِي أَحْوَجُ مِنِّي إِلَى مَا يُنْقِصُ مِنْهُ).
  وقال يحيى #: حدثني عمي الحسن بن القاسم # قال: حدثني من أثق به بإسناده يرفعه إلى النبيء ÷: أنه أتاه دَيْلَمٌ الحميري من أهل اليمن فقال: يا رسول الله، إنا بأرض باردة نعالج فيها عملاً شديداً، وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح(٣)، نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا، فقال له النبيء ÷: ((هَلْ يُسْكِرُ؟)) فقال: نعم، فقال ÷: ((اجْتَنِبُوهُ))، قال الحميري: ثم أتيته من
(١) في (د): والله لا يعطل لله حكم في الإسلام وأنا في الإسلام.
(٢) في (ج، د، و): فشهدوا.
(٣) القمح: البر. (هامش أ، ج، هـ، ز).