درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

صفته # وذكر علمه

صفحة 173 - الجزء 1

  أقام في وطننا هذا إلى أن توفي # ست عشرة سنة، فشهر دعوته ونشر رايته وأنفذ حكمه فجزاه الله عنا خيراً.

  وكان # يقول: أين الراغب وأين من يطلب العلم، إنما يحبنا مجاهد راغب في فضله مُتَحَرّ ما عند الله، ولعمري إنَّه لأكبر فروض الله على عبده، وأحق ما يحب⁣(⁣١) تقديمه، ولكن لو كان مع ذلك رغبة في العلم وبحث عنه لصادفوا من يحيى بن الحسين علماً جماً⁣(⁣٢).

  وروى سليم المولى المتولي لخدمة يحيى بن الحسين في داره قال: كنت أتبعه حين يأخذ الناس فرشهم بالمصباح في أكثر لياليه إلى بيت صغير يأوي إليه فإذا دخله صرفني فأنصرف، فهجس [في]⁣(⁣٣) قلبي ليلة أن أبيت على باب البيت أنظر ما يصنع، قال: فسهر # الليل أجمع ركوعاً وسجوداً وكنت أسمع وقع دموعه، ونشيجاً في حلقه، فلما كان الصبح قمت فسمع حسي فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: سليم، ما عجل بك في غير حينك؟ فقلت: جعلت فداك ما برحت البارحة من قربك، قال: فاشتد ذلك عليه، وحَرَّج عليّ ألّا أُحدث به أحداً في حياته، فما حكاه سليم إلّا في وقت المرتضى #.

  وكان يحيى # مشتغلاً أكثر دهره في الجهاد، فكان لا يتمكن من إملاء


(١) في (د، هـ، و): يجب.

(٢) قال في هامش (ز): وكان الهادي # شديد الطلب للعلم من صغره ورزقه الله الحفظ لما علمه، وبلغ في كل فنّ من العلم الغاية القصوى، والنهاية الطولى، وهو لم يبلغ عند ذلك في السن من عمره إلا سبع عشرة سنة، وذلك بالتعلّم والطلب. (من روضة المشتاق).

(٣) زيادة من (أ، ج).