الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[مؤهلات العبد لجنة الخلود]

صفحة 43 - الجزء 1

  من كثرة الذنوب، وما كثرت الذنوب إلاَّ بالرضا بالعيوب، وما وقع الرضا إلاَّ بعد الاجتراء على علام الغيوب، جمود العين، من وجود الرين، وقال في ذلك شعراً:

  تزود من حياتك للممات ... ولا تغتر في طول الحياة

  أترقد والمنايا طارقات ... كأنك قد أَمنْت من البيات

  أتضحك أيها العاصي وتلهو ... ونار الله تُسعر للعصاة

  أتضحك يا سفيه ولست تدري ... بأيّ بشارة يأتيك آت

  ثم قال: أتبغي صفاء الفؤاد مع بقاء المراد؟! تضيع الأصول، وتركب الفضول، ثم تطمع في الوصول، وأنت لا تتبع ما جاء به الرسول؟! أتطلب المراد، مع كثرة الرقاد، وقلة الاجتهاد؟! أتطلب المساعدة مع قلة المجاهدة؟ هذا من علامة المباعدة. لن تنال الأماني - إلاَّ بترك الفاني، لا بالكسل والتواني، تسهر العيون تصبح غير مغبون. لن تنال غرف الْجِنَان إلاَّ بصفاء الْجَنَان، وخالص الإيمان، وقراءة القرآن، وتوحيد الرحمن، وإطعام الطعام، ورحمة الأيتام، وكثرة الصيام، وطول القيام. من طابت مناجاته، ارتفعت درجاته، وقلّت فزعاته.

  مؤهلات العبد لجنات الخلود

[مؤهلات العبد لجنة الخلود]

  قال الوافد: بم ينال العبد جنة الخلود؟

  قال العالم: بحفظ الحدود، وبذل المجهود، وطاعة المعبود، والوفاء بالعهود، وكثرة الركوع والسجود.

  من أراد الأمان، فليخلص الإيمان، ويفعل الإحسان، ويقرأ القرآن.

  لن ينال جنة النعيم، إلاَّ من جاء بقلب سليم، لن تنال من الله المزيد، إلاَّ بصدق التوحيد وكثرة التحميد.

  من أراد البر، لم يكتسب الوزر، من أراد العطاء، صبر على البلاء.